فصل فِي صَلَاة الاسْتِسْقَاء
هُوَ لُغَة طلب السقيا وَشرعا طلب سقيا الْعباد من الله تَعَالَى عِنْد حَاجتهم إِلَيْهَا
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قبل الْإِجْمَاع الِاتِّبَاع رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا ويستأنس لذَلِك بقوله تَعَالَى {وَإِذ استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ} وَصَلَاة الاسْتِسْقَاء مسنونة مُؤَكدَة لما مر وَإِنَّمَا لم تجب لخَبر هَل عَليّ غَيرهَا
وينقسم أَي الاسْتِسْقَاء إِلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع أدناها يكون بِالدُّعَاءِ مُطلقًا عَمَّا يَأْتِي فُرَادَى أَو مُجْتَمعين وأوسطها يكون بِالدُّعَاءِ خلف الصَّلَوَات فَرضهَا كَمَا فِي شرح مُسلم ونفلها كَمَا فِي الْبَيَان وَفِي خطْبَة الْجُمُعَة وَنَحْو ذَلِك وَالْأَفْضَل أَن يكون بِالصَّلَاةِ وَالْخطْبَة وَيَأْتِي بيانهما وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْمُقِيم وَلَو بقرية أَو بادية وَالْمُسَافر وَلَو سفر قصر لِاسْتِوَاء الْكل فِي الْحَاجة وَإِنَّمَا تصلى لحَاجَة من انْقِطَاع المَاء أَو قلته بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَو ملوحته ولاستزادة بهَا نفع بِخِلَاف مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا نفع بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت
وَشَمل مَا ذكر مَا لَو انْقَطع عَن طَائِفَة من الْمُسلمين واحتاجت إِلَيْهِ فَيسنّ لغَيرهم أَيْضا أَن يستسقوا لَهُم ويسألوا الزِّيَادَة النافعة لأَنْفُسِهِمْ وتكرر الصَّلَاة مَعَ الْخطْبَتَيْنِ حَتَّى يسقوا فَإِن سقوا قبلهَا اجْتَمعُوا لشكر وَدُعَاء وصلوا وخطب لَهُم الإِمَام شكرا لله تَعَالَى وطلبا للمزيد قَالَ تَعَالَى {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَإِذا أَرَادوا الْخُرُوج للصَّلَاة (فيأمرهم الإِمَام) الْأَعْظَم أَو نَائِبه قبل الْخُرُوج إِلَيْهَا (بِالتَّوْبَةِ) من جَمِيع الْمعاصِي الفعلية والقولية الْمُتَعَلّقَة بِحُقُوق الله تَعَالَى بشروطها الثَّلَاثَة وَهِي النَّدَم والإقلاع والعزم على أَن لَا يعود (و) بالإكثار (من الصَّدَقَة) على المحاويج (و) بِالتَّوْبَةِ من حُقُوق الْآدَمِيّين (و) هِيَ الْمُبَادرَة إِلَى (الْخُرُوج من الْمَظَالِم) الْمُتَعَلّقَة بهم من دم أَو عرض أَو مَال مُضَافا ذَلِك إِلَى الشُّرُوط الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة (و) بالمبادرة إِلَى (مصالحة الْأَعْدَاء) المتشاحنين لأمر دُنْيَوِيّ ولحظ نفس لتَحْرِيم الهجران حِينَئِذٍ فَوق ثَلَاث (و) بالمبادرة إِلَى (صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام) متتابعة ويصوم مَعَهم وَذَلِكَ قبل ميعاد الْخُرُوج فَهِيَ بِهِ أَرْبَعَة لِأَن لكل من هَذِه الْمَذْكُورَات أثرا فِي إِجَابَة الدُّعَاء قَالَ تَعَالَى {وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} يكون منع الْغَيْث بترك ذَلِك فقد روى الْبَيْهَقِيّ وَلَا منع قوم الزَّكَاة إِلَّا حبس عَنْهُم الْمَطَر وَفِي خبر التِّرْمِذِيّ ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم الصَّائِم حَتَّى يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل والمظلوم وروى الْبَيْهَقِيّ دَعْوَة الصَّائِم وَالْوَالِد وَالْمُسَافر وَإِذا أَمرهم الإِمَام بِالصَّوْمِ لَزِمَهُم امْتِثَال أمره كَمَا أفتى بِهِ النَّوَوِيّ وَسَبقه إِلَى ذَلِك ابْن عبد السَّلَام لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله} الْآيَة
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَالْقِيَاس طرده فِي جَمِيع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute