من الشَّارِع بِلَا تَقْدِير (دون السجدات) أَي فَلَا يطيلها كالجلوس بَينهَا والاعتدال من الرُّكُوع الثَّانِي وَالتَّشَهُّد وَهَذَا مَا جرى عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ وَالصَّحِيح كَمَا قَالَه ابْن الصّلاح وَتَبعهُ النَّوَوِيّ وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكسوف الشَّمْس
وَنَصّ فِي كتاب الْبُوَيْطِيّ أَنه يطيلها نَحْو الرُّكُوع الَّذِي قبلهَا
قَالَ الْبَغَوِيّ السُّجُود الأول كالركوع الأول وَالسُّجُود الثَّانِي كالركوع الثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَة
وَظَاهر كَلَامهم اسْتِحْبَاب هَذِه الإطالة وَإِن لم يرض بهَا المأمومون وَيفرق بَينهَا وَبَين الْمَكْتُوبَة بالندرة
وَلَو نوى صَلَاة الْكُسُوف وَأطلق هَل يحمل على أقلهَا وَهِي كَسنة الظّهْر أَو على أدنى الْكَمَال وَهُوَ أَن تكون بركوعين قِيَاس مَا قَالُوهُ فِي صَلَاة الْوتر إِنَّه مُخَيّر بَين الْأَقَل وَغَيره أَن يكون هُنَا كَذَلِك وَلم أر من ذكره
وَتسن الْجَمَاعَة فِيهَا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتسن للمنفرد وَالْعَبْد وَالْمَرْأَة وَالْمُسَافر كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَتسن للنِّسَاء غير ذَوَات الهيئات الصَّلَاة مَعَ الإِمَام وَذَوَات الهيئات يصلين فِي بُيُوتهنَّ منفردات فَإِن اجْتَمعْنَ فَلَا بَأْس وَيسن صلَاتهَا فِي الْجَامِع كَنَظِيرِهِ فِي الْعِيد (ويخطب) الإِمَام (بعْدهَا) أَي بعد الصَّلَاة (خطبتين) كخطبتي عيد كَمَا مر لَكِن لَا يكبر تَكْبِير فيهمَا لعدم وُرُوده وَإِنَّمَا تسن الْخطْبَة للْجَمَاعَة وَلَو مسافرين بِخِلَاف الْمُنْفَرد ويحث فيهمَا السامعين على فعل الْخَيْر من تَوْبَة وَصدقَة وَعتق وَنَحْوهَا لِلْأَمْرِ بذلك فِي البُخَارِيّ وَغَيره
وَيسن الْغسْل لصَلَاة الْكُسُوف
وَأما التَّنْظِيف بحلق الشّعْر وقلم الظفر فَلَا يسن لَهَا كَمَا صرح بِهِ بعض فُقَهَاء الْيمن فَإِنَّهُ يضيق الْوَقْت وَيظْهر أَنه يخرج فِي ثِيَاب بذلة قِيَاسا على الاسْتِسْقَاء لِأَنَّهُ اللَّائِق بِالْحَال وَلم أر من تعرض لَهُ
وَمن أدْرك الإِمَام فِي ركع أول من الرَّكْعَة الأولى أَو الثَّانِيَة أدْرك الرَّكْعَة كَمَا فِي سَائِر الصَّلَوَات أَو أدْركهُ فِي رُكُوع ثَان أَو فِي قيام ثَان من أَي رَكْعَة فَلَا يدْرك شَيْئا مِنْهَا لِأَن الأَصْل هُوَ الرُّكُوع الأول وقيامه وَالرُّكُوع الثَّانِي وقيامه فِي حكم التَّابِع
(وَيسر فِي) قِرَاءَة (كسوف الشَّمْس) لِأَنَّهَا نهارية (ويجهر فِي) قِرَاءَة (خُسُوف الْقَمَر) لِأَنَّهَا صَلَاة ليل أَو مُلْحقَة بهَا وَهُوَ إِجْمَاع وَلَو اجْتمع عَلَيْهِ صلاتان فَأكْثر وَلم يَأْمَن الْفَوات قدم الأخوف فواتا ثمَّ الآكد فعلى هَذَا لَو اجْتمع عَلَيْهِ كسوف وجمعة أَو فرض آخر غَيرهَا قدم الْفَرْض جُمُعَة أَو غَيرهَا لِأَن فعله محتم فَكَانَ أهم هَذَا إِن خيف فَوَاته لضيق وقته فَفِي الْجُمُعَة يخْطب لَهَا ثمَّ يُصليهَا ثمَّ الْكُسُوف إِن بَقِي ثمَّ يخْطب لَهُ وَفِي غير الْجُمُعَة يُصَلِّي الْفَرْض ثمَّ يفعل بالكسوف مَا مر فَإِن لم يخف فَوت الْفَرْض قدم الْكُسُوف لتعرضها للفوات بالإنجلاء ويخففها كَمَا فِي الْمَجْمُوع فَيقْرَأ فِي كل قيام الْفَاتِحَة وَنَحْو سُورَة الْإِخْلَاص كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم
ثمَّ يخْطب للْجُمُعَة فِي صورتهَا متعرضا للكسوف وَلَا يَصح أَن يَقْصِدهُ مَعهَا للخطبة لِأَنَّهُ تشريك بَين فرض وَنفل مَقْصُود وَهُوَ مُمْتَنع ثمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَة وَلَا يحْتَاج إِلَى أَربع خطب لِأَن خطْبَة الْكُسُوف مُتَأَخِّرَة عَن صلَاتهَا وَالْجُمُعَة بِالْعَكْسِ
وَلَو اجْتمع عيد وجنازة أَو كسوف وجنازة قدمت الْجِنَازَة فيهمَا خوفًا من تغير الْمَيِّت وَلَكِن مَحل تَقْدِيمهَا إِذا حضرت وَحضر الْوَلِيّ وَإِلَّا أفرد الإِمَام جمَاعَة ينتظرونها واشتغل مَعَ البَاقِينَ بغَيْرهَا
والعيد مَعَ الْكُسُوف كالفرض مَعَه لِأَن الْعِيد أفضل مِنْهُ لَكِن يجوز أَن يقصدهما مَعًا بالخطبتين لِأَنَّهُمَا سنتَانِ وَالْقَصْد مِنْهُمَا وَاحِد مَعَ أَنَّهُمَا تابعان للمقصود فَلَا تضر نيتهما بِخِلَاف الصَّلَاة
تَتِمَّة يسن لكل أحد أَن يتَضَرَّع بِالدُّعَاءِ وَنَحْوه عِنْد الزلازل وَنَحْوهَا كالصواعق وَالرِّيح الشَّدِيدَة والخسف وَأَن يُصَلِّي فِي بَيته مُنْفَردا كَمَا قَالَه ابْن الْمقري لِئَلَّا يكون غافلا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا عصفت الرّيح قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحا وَلَا تجعلها ريحًا