للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يكلفون) أَي لَا يجوز لمَالِك الرَّقِيق والبهائم أَن يكلفهم

(من الْعَمَل مَا لَا يُطِيقُونَ) الدَّوَام عَلَيْهِ لوُرُود النَّهْي عَنهُ فِي الرَّقِيق فِي صَحِيح مُسلم وَهُوَ للتَّحْرِيم وَقيس عَلَيْهِ الْبَهَائِم بِجَامِع حُصُول الضَّرَر

قَالَ فِي الرَّوْضَة لَا يجوز للسَّيِّد تَكْلِيف رَقِيقه من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق الدَّوَام عَلَيْهِ

فَلَا يجوز أَن يكلفه عملا يقدر عَلَيْهِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ يعجز عَنهُ

وَقَالَ أَيْضا يحرم عَلَيْهِ تَكْلِيفه الدَّابَّة مَا لَا تُطِيقهُ من ثقيل الْحمل أَو إدامة السّير أَو غَيرهم وَقَالَ فِي الزَّوَائِد يحرم تحميلها مَا لَا تطِيق الدَّوَام عَلَيْهِ يَوْمًا أَو نَحوه كَمَا سبق فِي الرَّقِيق

تَتِمَّة لَا يحلب الْمَالِك من لبن دَابَّته مَا يضر وَلَدهَا لِأَنَّهُ غذاؤه كَوَلَد الْأمة وَإِنَّمَا يحلب مَا فضل عَن ري وَلَدهَا وَله أَن يعدل بِهِ إِلَى لبن غير أمه إِن استمرأه وَإِلَّا فَهُوَ أَحَق بِلَبن أمه وَلَا يجوز الْحَلب إِذا كَانَ يضر بالبهيمة لقلَّة عَلفهَا وَلَا ترك الْحَلب أَيْضا إِذا كَانَ يَضرهَا فَإِن لم يَضرهَا كره للإضاعة وَيسن أَن لَا يستقصى الحالب فِي الْحَلب بل يدع فِي الضَّرع شَيْئا وَأَن يقص أَظْفَاره لِئَلَّا يؤذيها وَيحرم جز الصُّوف من أصل الظّهْر وَنَحْوه وَكَذَا حلقه لما فيهمَا من تَعْذِيب الْحَيَوَان قَالَه الْجُوَيْنِيّ وَيجب على مَالك النَّحْل أَن يبقي لَهُ شَيْئا من الْعَسَل فِي الكوارة بِقدر حَاجته إِن لم يكفه غَيره

وَإِلَّا فَلَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك قَالَ الرَّافِعِيّ وَقد قيل يشوي لَهُ دجَاجَة ويعلقها بِبَاب الكوارة فيأكل مِنْهَا وعَلى مَالك دود القز علفه بورق توت أَو تخليته كُله لِئَلَّا يهْلك بِغَيْر فَائِدَة وَيُبَاع فِيهِ مَاله كالبهيمة وَيجوز تجفيفه بالشمس عِنْد حُصُول نواله

وَإِن أهلكه لحُصُول فَائِدَته كذبح الْحَيَوَان الْمَأْكُول وَخرج بِمَا فِيهِ روح مَا لَا روح فِيهِ كقناة وَدَار لَا يجب على الْمَالِك عمارتهما فَإِن ذَلِك تنمية لِلْمَالِ وَلَا يجب على الْإِنْسَان ذَلِك وَلَا يكره تَركهَا إِلَّا إِذا أدّى إِلَى الخراب فَيكْرَه لَهُ

فصل فِي النَّفَقَة

وَالنَّفقَة على قسمَيْنِ نَفَقَة تجب للْإنْسَان على نَفسه

إِذا قدر عَلَيْهَا وَعَلِيهِ أَن يقدمهَا على نَفَقَة غَيره لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابدأ بِنَفْسِك ثمَّ بِمن تعول وَنَفَقَة تجب على الْإِنْسَان لغيره

قَالَ الشَّيْخَانِ وَأَسْبَاب وُجُوبهَا ثَلَاثَة النِّكَاح والقرابة وَالْملك وَأورد على الْحصْر فِي هَذِه الثَّلَاثَة صور مِنْهَا الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة المنذوران فَإِن نفقتهما على النَّاذِر وَالْمهْدِي مَعَ انْتِقَال الْملك فيهمَا للْفُقَرَاء وَمِنْهَا نصيب الْفُقَرَاء بعد الْحول وَقبل الْإِمْكَان تجب نَفَقَته على الْمَالِك وَقدم المُصَنّف الْقسمَيْنِ الْأَخيرينِ

ثمَّ شرع فِي الْقسم الأول بقوله (وَنَفَقَة الزَّوْجَة الممكنة من نَفسهَا وَاجِبَة) بالتمكين التَّام لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>