والمقاتلون بعده هم المرصدون لِلْقِتَالِ
(فِي مصَالح الْمُسلمين) بِتَعْيِين الإِمَام لَهُم سموا مرتزقة لأَنهم أرصدوا أنفسهم للذب عَن الدّين وطلبوا الرزق من مَال الله
وَخرج بهم المتطوعة وهم الَّذين يغزون إِذا نشطوا وَإِنَّمَا يُعْطون من الزَّكَاة لَا من الْفَيْء عكس المرتزقة
تَتِمَّة يجب على الإِمَام أَن يبْحَث عَن حَال كل وَاحِد من المرتزقة وَعَمن تلْزمهُ نَفَقَتهم من أَوْلَاد وزوجات ورقيق لحَاجَة غَزْو أَو لخدمة إِن اعتادها لَا رَقِيق زِينَة وتجارة وَمَا يكفيهم فيعطيه كِفَايَته وكفايتهم من نَفَقَة وَكِسْوَة وَسَائِر الْمُؤَن بِقدر الْحَاجة ليتفرغ للْجِهَاد ويراعي فِي الْحَاجة حَاله فِي مروءته وضدها وَالْمَكَان وَالزَّمَان والرخص والغلاء وَعَادَة الْبَلَد فِي المطاعم والملابس وَيُزَاد إِن زَادَت حَاجته بِزِيَادَة ولد أَو حُدُوث زَوْجَة وَمن لَا رَقِيق لَهُ يعْطى من الرَّقِيق مَا يَحْتَاجهُ لِلْقِتَالِ مَعَه أَو لخدمته إِذا كَانَ مِمَّن يخْدم وتعطى زَوجته وَأَوْلَاده الَّذين تلْزمهُ نَفَقَتهم فِي حَيَاته إِذا مَاتَ بعد أَخذ نصِيبه لِئَلَّا يشْتَغل النَّاس بِالْكَسْبِ عَن الْجِهَاد إِذا علمُوا ضيَاع عِيَالهمْ بعدهمْ فتعطى الزَّوْجَة حَتَّى تنْكح لاستغنائها بِالزَّوْجِ وَلَو استغنت بكسب أَو إِرْث أَو نَحوه
كوصية لم تعط وَحكم أم الْوَلَد كَالزَّوْجَةِ وَكَذَا الزَّوْجَات وَيُعْطى الْأَوْلَاد حَتَّى يستقلوا بكسب أَو نَحوه
كوصية واستنبط السُّبْكِيّ رَحمَه الله تَعَالَى من هَذِه الْمَسْأَلَة أَن الْفَقِيه أَو المعيد أَو الْمدرس إِذا مَاتَ تُعْطى زَوجته وَأَوْلَاده مِمَّا كَانَ يَأْخُذ مَا يقوم بهم ترغيبا فِي الْعلم كالترغيب هُنَا فِي الْجِهَاد اه
وَفرق بَعضهم بَينهمَا بِأَن الْإِعْطَاء من الْأَمْوَال الْعَامَّة وَهِي أَمْوَال الْمصَالح أقوى من الْخَاصَّة كالأوقاف فَلَا يلْزم من التَّوَسُّع فِي تِلْكَ التَّوَسُّع فِي هَذِه لِأَنَّهُ مَال معِين أخرجه شخص لتَحْصِيل مصلحَة نشر الْعلم فِي هَذَا الْمحل الْمَخْصُوص فَكيف يصرف مَعَ انْتِفَاء الشَّرْط وَمُقْتَضى هَذَا الْفرق الصّرْف لأَوْلَاد الْعَالم من مَال الْمصَالح كفايتهم كَمَا كَانَ يصرف لأبيهم وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر
فصل فِي الْجِزْيَة تطلق
على العقد وعَلى المَال الْمُلْتَزم بِهِ وَهِي مَأْخُوذَة من المجازاة لكفنا عَنْهُم
وَقيل من الْجَزَاء بِمَعْنى الْقَضَاء قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} أَي لَا تقضى
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع آيَة {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} وَقد أَخذهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مجوس هجر
وَقَالَ سنوا بهم سنة أهل الْكتاب كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمن أهل نَجْرَان كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن فِي أَخذهَا مَعُونَة لنا وإهانة لَهُم وَرُبمَا يحملهم ذَلِك على الْإِسْلَام
وَفسّر إِعْطَاء الْجِزْيَة فِي الْآيَة بالتزامها وَالصغَار بِالْتِزَام أحكامنا
وأركانها خَمْسَة عَاقد ومعقود لَهُ وَمَكَان وَمَال وَصِيغَة
وَشرط فِي الصِّيغَة وَهِي الرُّكْن الأول مَا مر فِي شَرطهَا فِي البيع والصيغة إِيجَابا كأقررتكم أَو أَذِنت فِي إقامتكم بِدَارِنَا مثلا على أَن تلتزموا كَذَا جِزْيَة
وتنقادوا لحكمنا وقبولا نَحْو قبلنَا ورضينا وَشرط فِي الْعَاقِد كَونه إِمَامًا يعْقد بِنَفسِهِ أَو بنائبه
ثمَّ شرع المُصَنّف فِي شُرُوط الْمَعْقُود لَهُ وَهُوَ الرُّكْن الثَّانِي بقوله (وشرائط وجوب) ضرب (الْجِزْيَة) على الْكفَّار الْمَعْقُود