لَهُم (خمس خِصَال) الأولى (الب و) الثَّانِيَة (الْعقل) فَلَا يَصح عقدهَا مَعَ صبي وَلَا مَجْنُون وَلَا من وليهما لعدم تكليفهما وَلَا جِزْيَة عَلَيْهِمَا
وَإِن كَانَ الْمَجْنُون بَالغا وَلَو بعد عقد الْجِزْيَة إِن أطبق جُنُونه
فَإِن تقطع وَكَانَ قَلِيلا كساعة من شهر لَزِمته وَلَا عِبْرَة بِهَذَا الزَّمن الْيَسِير وَكَذَا لَا أثر ليسير زمن الْإِفَاقَة كَمَا بَحثه بَعضهم
وَإِن كَانَ كثيرا كَيَوْم وَيَوْم فَالْأَصَحّ تلفيق زمن الْإِفَاقَة فَإِذا بلغ سنة وَجَبت جزيتهَا (و) الثَّالِثَة (الْحُرِّيَّة) فَلَا يَصح عقدهَا مَعَ الرَّقِيق وَلَو مبعضا وَلَا جِزْيَة على متمحض الرّقّ إِجْمَاعًا وَلَا على الْمبعض على الْمَذْهَب
(و) الرَّابِعَة (الذكورية) فَلَا يَصح عقدهَا مَعَ امْرَأَة وَلَا جِزْيَة عَلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} إِلَى قَوْله {وهم صاغرون} وَهُوَ خطاب للذكور وَحكى ابْن الْمُنْذر فِيهِ الْإِجْمَاع وروى الْبَيْهَقِيّ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد أَن لَا تَأْخُذُوا الْجِزْيَة من النِّسَاء وَالصبيان وَلَا من خُنْثَى وَلَا جِزْيَة عَلَيْهِ لاحْتِمَال كَونه أُنْثَى فَإِن بَانَتْ ذكورته وَقد عقدت لَهُ الْجِزْيَة طالبناه بجزية الْمدَّة الْمَاضِيَة عملا بِمَا فِي نفس الْأَمر بِخِلَاف مَا لَو دخل حَرْبِيّ دَارنَا وَبَقِي مُدَّة ثمَّ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ لَا نَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا لما مضى لعدم عقد الْجِزْيَة لَهُ وَالْخُنْثَى كَذَلِك إِذا بَانَتْ ذكورته وَلم تعقد لَهُ الْجِزْيَة وعَلى هَذَا التَّفْصِيل يحمل إِطْلَاق من صحّح الْأَخْذ مِنْهُ وَمن صحّح عَدمه
(و) الْخَامِسَة (أَن يكون) الْمَعْقُود مَعَه (من أهل الْكتاب) كاليهودي وَالنَّصْرَانِيّ من الْعَرَب والعجم الَّذين لم يعلم دُخُولهمْ فِي ذَلِك الدّين بعد نسخه لأصل أهل الْكتاب وَقد قَالَ تَعَالَى {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ} إِلَى أَن قَالَ {الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة}
(أَو مِمَّن لَهُ شُبْهَة كتاب) كالمجوس لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذهَا مِنْهُم وَقَالَ سنوا بهم سنة أهل الْكتاب وَلِأَن لَهُم شُبْهَة كتاب وَكَذَا تعقد لأَوْلَاد من تهود أَو تنصر قبل النّسخ لدينِهِ وَلَو بعد التبديل
وَإِن لم يجتنبوا الْمُبدل مِنْهُ تَغْلِيبًا لحقن الدَّم وَلَا تحل ذبيحتهم وَلَا مناكحتهم لِأَن الأَصْل فِي الميتات والأبضاع التَّحْرِيم وتقعد أَيْضا لمن شككنا فِي وَقت تهوده أَو تنصره
فَلم نَعْرِف أدخلُوا فِي ذَلِك الدّين قبل النّسخ أَو بعده تَغْلِيبًا لحقن الدَّم كالمجوس وَبِذَلِك حكمت الصَّحَابَة فِي نَصَارَى الْعَرَب وَأما الصابئة والسامرة فتعقد لَهُم الْجِزْيَة إِن لم تكفرهم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلم يخالفوهم فِي أصُول دينهم وَإِلَّا فَلَا تعقد لَهُم وَكَذَا تعقد لَهُم لَو أشكل أَمرهم وتعقد لزاعم التَّمَسُّك بصحف إِبْرَاهِيم وصحف شِيث وَهُوَ ابْن آدم لصلبه
وزبور دَاوُد لِأَن الله تَعَالَى أنزل عَلَيْهِم صحفا فَقَالَ {صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى} وَقَالَ {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين}
وَتسَمى كتبا كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فاندرجت فِي قَوْله تَعَالَى {من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} وَمن أحد أَبَوَيْهِ كتابي وَالْآخر وَثني تَغْلِيبًا لحقن الدَّم وَتحرم ذَبِيحَته ومناكحته احْتِيَاطًا