فَائِدَة ذكر الْقفال الشَّاشِي فِي محَاسِن الشَّرِيعَة معنى لطيفا فِي إِيجَاب الصَّاع وَهُوَ أَن النَّاس تمْتَنع غَالِبا من الْكسْب فِي الْعِيد وَثَلَاثَة أَيَّام بعده وَلَا يجد الْفَقِير من يَسْتَعْمِلهُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَيَّام سرُور وراحة عقب الصَّوْم وَالَّذِي يتَحَصَّل من الصَّاع عِنْد جعله خبْزًا ثَمَانِيَة أَرْطَال من الْخبز فَإِن الصَّاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث كَمَا مر ويضاف إِلَيْهِ من المَاء نَحْو الثُّلُث فَيَأْتِي مِنْهُ ذَلِك وَهُوَ كِفَايَة الْفَقِير فِي أَرْبَعَة أَيَّام لكل يَوْم رطلان
تَتِمَّة جنس الصَّاع الْوَاجِب الْقُوت الَّذِي يجب فِيهِ الْعشْر أَو نصفه لِأَن النَّص قد ورد فِي بعض المعشرات كالبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب وَقيس الْبَاقِي عَلَيْهِ بِجَامِع الاقتيات ويجزىء الأقط لثُبُوته فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ لبن يَابِس غير منزوع الزّبد وَفِي مَعْنَاهُ لبن وَجبن لم ينْزع زبدهما وأجزأ كل من الثَّلَاثَة لمن هُوَ قوته سَوَاء أَكَانَ من أهل الْبَادِيَة أم الْحَاضِرَة أما منزوع الزّبد من ذَلِك فَلَا يجزىء وَكَذَا لَا يجزىء الكشك وَهُوَ بِفَتْح الْكَاف مَعْرُوف وَلَا المخيض وَلَا المصل وَلَا السّمن وَلَا الْملح وَلَا اللَّحْم وَلَا مملح من الأقط أفسد كَثْرَة الْملح جوهره بِخِلَاف الْملح الْيَسِير فيجزىء لَكِن لَا يحْسب الْملح فَيخرج قدرا يكون مَحْض الأقط مِنْهُ صَاعا
وللأصل أَن يخرج من مَاله زَكَاة موليه الْغَنِيّ لِأَنَّهُ لَا يسْتَقلّ بتمليكه بِخِلَاف غير موليه كَوَلَد رشيد وأجنبي لَا يجوز إخْرَاجهَا عَنهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَو اشْترك موسران أَو مُوسر ومعسر فِي رَقِيق لزم كل مُوسر قدر حِصَّته لَا من واجبه كَمَا وَقع فِي الْمِنْهَاج بل من قوت مَحل الرَّقِيق كَمَا علم مِمَّا مر
وَصرح بِهِ فِي الْمَجْمُوع بِنَاء على مَا مر من أَن الْأَصَح أَنَّهَا تجب ابْتِدَاء على الْمُؤَدى عَنهُ ثمَّ يتحملها الْمُؤَدِّي
فصل فِي قسم الصَّدقَات
أَي الزكوات على مستحقيها وَسميت بذلك لإشعارها بِصدق باذلها وَذكرهَا المُصَنّف فِي آخر الزَّكَاة تبعا للْإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْأُم وَهُوَ أنسب من ذكر الْمِنْهَاج لَهَا تبعا للمزني بعد قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة
(وتدفع الزَّكَاة) من أَي صنف كَانَ من أصنافها الثَّمَانِية الْمُتَقَدّم بَيَانهَا (إِلَى) جَمِيع (الْأَصْنَاف الثَّمَانِية) عِنْد وجودهم فِي مَحل المَال (وهم) الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والعاملين عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبهم وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل} قد علم من الْحصْر بإنها أَنما لَا تصرف لغَيرهم وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَقع الْخلاف فِي استيعابهم وأضاف فِي الْآيَة الْكَرِيمَة الصَّدقَات إِلَى الْأَصْنَاف الْأَرْبَعَة الأولى بلام الْملك وَإِلَى الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة بفي الظَّرْفِيَّة للإشعار بِإِطْلَاق الْملك فِي الْأَرْبَعَة الأولى وتقييده فِي الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة حَتَّى إِذا لم يحصل