حَذْو مَنْكِبَيْه وينشر أصابعهما مَضْمُومَة للْقبْلَة ويعتمد عَلَيْهِمَا وَيجب أَن يهوي لغير السُّجُود كَمَا مر فِي الرُّكُوع فَلَو سقط على وَجهه من الِاعْتِدَال وَجب الْعود إِلَيْهِ ليهوي مِنْهُ لانْتِفَاء المهوي فِي السُّقُوط فَإِن سقط من الْهَوِي لم يلْزمه الْعود بل يحْسب ذَلِك سجودا إِلَّا إِن قصد بِوَضْع الْجَبْهَة الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا فَقَط فَإِنَّهُ يلْزمه إِعَادَة السُّجُود لوُجُود الصَّارِف
وَلَو سقط من الْهَوِي على جنبه فَانْقَلَبَ بنية السُّجُود أَو بِلَا نِيَّة أَو بنيته وَنِيَّة الاسْتقَامَة فَقَط وَسجد أَجزَأَهُ فَإِن نوى الاسْتقَامَة لم يجزه لوُجُود الصَّارِف بل يجلس ثمَّ يسْجد وَلَا يقوم ثمَّ يسْجد فَإِن قَامَ عَامِدًا عَالما بطلت صلَاته كَمَا صرح بِهِ فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا وَإِن نوى مَعَ ذَلِك صرفه عَن السُّجُود بطلت صلَاته لِأَنَّهُ زَاد فعلا لَا يُزَاد مثله فِي الصَّلَاة عَامِدًا
وَيجب فِي السُّجُود أَن ترْتَفع أسافله على أعاليه لِلِاتِّبَاعِ كَمَا صَححهُ ابْن حبَان فَلَو صلى فِي سفينة مثلا وَلم يتَمَكَّن من ارْتِفَاع ذَلِك لميلانها صلى على حسب حَاله وَلَزِمتهُ الْإِعَادَة لِأَنَّهُ عذر نَادِر
نعم إِن كَانَ بِهِ عِلّة لَا يُمكنهُ مَعهَا السُّجُود إِلَّا كَذَلِك صَحَّ فَإِن أمكنه السُّجُود على وسَادَة بتنكيس لزمَه لحُصُول هَيْئَة السُّجُود بذلك أَو بِلَا تنكيس لم يلْزمه السُّجُود عَلَيْهَا لفَوَات هَيْئَة السُّجُود بل يَكْفِيهِ الانحناء الْمُمكن خلافًا لما فِي الشَّرْح الصَّغِير
(و) الْحَادِي عشر من أَرْكَان الصَّلَاة (الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ) وَلَو فِي نفل لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفع رَأسه لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي جَالِسا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا فِيهِ رد على أبي حنيفَة حَيْثُ يَقُول يَكْفِي أَن يرفع رَأسه عَن الأَرْض أدنى رفع كَحَد السَّيْف
(و) الثَّانِي عشر من أَرْكَان الصَّلَاة (الطُّمَأْنِينَة فِيهِ) لحَدِيث الْمُسِيء صلَاته وَيجب أَن لَا يقْصد بِرَفْعِهِ غَيره كَمَا مر فِي الرُّكُوع فَلَو رفع فَزعًا من شَيْء لم يكف وَيجب عَلَيْهِ أَن يعود إِلَى السُّجُود وَيجب أَن لَا يطوله وَلَا الِاعْتِدَال لِأَنَّهُمَا ركنان قصيران ليسَا مقصودين لذاتهما بل للفصل وأكمله أَن يكبر بِلَا رفع يَد مَعَ رفع رَأسه من سُجُوده لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيجْلس مفترشا وَسَيَأْتِي بَيَانه لِلِاتِّبَاعِ وَاضِعا كفيه على فَخذيهِ قَرِيبا من رُكْبَتَيْهِ بِحَيْثُ تسامتهما رُؤُوس الْأَصَابِع ناشرا أَصَابِعه مَضْمُومَة للْقبْلَة كَمَا فِي السُّجُود قَائِلا رب اغْفِر لي وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني وَعَافنِي لِلِاتِّبَاعِ ثمَّ يسْجد الثَّانِيَة كالأولى فِي الْأَقَل والأكمل
(و) الثَّالِث عشر من أَرْكَان الصَّلَاة (الْجُلُوس الْأَخير) لِأَنَّهُ مَحل ذكر وَاجِب فَكَانَ وَاجِبا كالقيام لقِرَاءَة الْفَاتِحَة
(و) الرَّابِع عشر من أَرْكَان الصَّلَاة (التَّشَهُّد فِيهِ) أَي الْجُلُوس الْأَخير لقَوْل ابْن مَسْعُود كُنَّا نقُول قبل أَن يفْرض علينا التَّشَهُّد السَّلَام على الله قبل عباده السَّلَام على جِبْرِيل السَّلَام على مِيكَائِيل السَّلَام على فلَان
فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَقولُوا السَّلَام على الله فَإِن الله هُوَ السَّلَام وَلَكِن قُولُوا التَّحِيَّات لله
إِلَى آخِره
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالدّلَالَة فِيهِ من وَجْهَيْن أَحدهمَا التَّعْبِير بِالْفَرْضِ
الثَّانِي الْأَمر بِهِ وَالْمرَاد فَرْضه فِي الْجُلُوس آخر الصَّلَاة وَأقله مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالا فِيهِ حسن صَحِيح التَّحِيَّات لله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته سَلام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أَو أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَهل يجزىء وَأَن مُحَمَّدًا رَسُوله قَالَ الْأَذْرَعِيّ الصَّوَاب إجزاؤه لثُبُوته فِي تشهد ابْن مَسْعُود بِلَفْظ عَبده وَرَسُوله وَقد حكوا الْإِجْمَاع على جَوَاز التَّشَهُّد بالروايات كلهَا وَلَا أعلم أحدا اشْترط لفظ عَبده
اه
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وأكمله التَّحِيَّات