تحرم لِأَن التّبعِيَّة عمل فافتقرت إِلَى نِيَّة فَإِن لم ينْو مَعَ تحرم انْعَقَدت صلَاته فُرَادَى إِلَّا الْجُمُعَة فَلَا تَنْعَقِد أصلا لاشْتِرَاط الْجَمَاعَة فِيهَا فَلَو ترك هَذِه النِّيَّة أَو شكّ فِيهَا وَتَابعه فِي فعل أَو سَلام بعد انْتِظَار كثير للمتابعة بطلت صلَاته لِأَنَّهُ وَقفهَا على صَلَاة غَيره بِلَا رابطة بَينهمَا وَلَا يشْتَرط تعْيين الإِمَام فَإِن عينه وَلم يشر إِلَيْهِ وَأَخْطَأ كَأَن نوى الِاقْتِدَاء بزيد فَبَان عمرا وَتَابعه كَمَا مر بطلت صلَاته لمتابعته لمن لم ينْو الِاقْتِدَاء بِهِ فَإِن عينه بِإِشَارَة إِلَيْهِ كَهَذا مُعْتَقدًا أَنه زيد أَو بزيد هَذَا أَو الْحَاضِر صحت
وَقَوله (دون الإِمَام) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن نِيَّة الإِمَام الْإِمَامَة لَا تشْتَرط فِي غير الْجُمُعَة بل تسْتَحب ليحوز فَضِيلَة الْجَمَاعَة فَإِن لم ينْو لم تحصل لَهُ إِذْ لَيْسَ للمرء من عمله إِلَّا مَا نوى وَتَصِح نِيَّته لَهَا مَعَ تحرمه وَإِن لم يكن إِمَامًا فِي الْحَال لِأَنَّهُ سيصير إِمَامًا وفَاقا للجويني وَخِلَافًا للعمراني فِي عدم الصِّحَّة حِينَئِذٍ وَإِذا نوى فِي أثْنَاء الصَّلَاة حَاز الْفَضِيلَة من حِين النِّيَّة وَلَا تنعطف نِيَّته على مَا قبلهَا بِخِلَاف مَا لَو نوى الصَّوْم فِي النَّفْل قبل الزَّوَال فَإِنَّهَا تنعطف على مَا قبلهَا لِأَن النَّهَار لَا يَتَبَعَّض صوما وَغَيره بِخِلَاف الصَّلَاة فَإِنَّهَا تبعض جمَاعَة وَغَيرهَا أما فِي الْجُمُعَة فَيشْتَرط أَن يَأْتِي بهَا فِيهَا مَعَ التَّحَرُّم فَلَو تَركهَا لم تصح جمعته لعدم استقلاله فِيهَا سَوَاء أَكَانَ من الْأَرْبَعين أم زَائِدا عَلَيْهِم
نعم إِن لم يكن من أهل الْوُجُوب وَنوى غير الْجُمُعَة لم يشْتَرط مَا ذكر وَظَاهر أَن الصَّلَاة الْمُعَادَة كَالْجُمُعَةِ إِذْ لَا تصح فُرَادَى فَلَا بُد من نِيَّة الْإِمَامَة فِيهَا فَإِن أَخطَأ الإِمَام فِي غير الْجُمُعَة وَمَا ألحق بهَا فِي تعْيين تَابعه الَّذِي نوى الْإِمَامَة بِهِ لم يضر لِأَن غلطه فِي النِّيَّة لَا يزِيد على تَركهَا أما إِذا نوى ذَلِك فِي الْجُمُعَة وَمَا ألحق بهَا فَإِنَّهُ يضر لِأَن مَا يجب التَّعَرُّض لَهُ يضر الْخَطَأ فِيهِ
الثَّانِي من شُرُوط الِاقْتِدَاء عدم تقدم الْمَأْمُوم على إِمَامه فِي الْمَكَان فَإِن تقدم عَلَيْهِ فِي أثْنَاء صلَاته بطلت أَو عِنْد التَّحَرُّم لم تَنْعَقِد كالتقدم بتكبيرة الْإِحْرَام قِيَاسا للمكان على الزَّمَان
نعم يسْتَثْنى من ذَلِك صَلَاة شدَّة الْخَوْف كَمَا سَيَأْتِي فَإِن الْجَمَاعَة فِيهَا أفضل من الِانْفِرَاد وَإِن تقدم بَعضهم على بعض وَلَو شكّ هَل هُوَ مُتَقَدم أم لَا كَأَن كَانَ فِي ظلمَة صحت صلَاته مُطلقًا لِأَن الأَصْل عدم الْمُفْسد كَمَا نَقله النَّوَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَن النَّص وَلَا تضر مُسَاوَاة الْمَأْمُوم لإمامه وَالِاعْتِبَار فِي التَّقَدُّم وَغَيره للقائم بالعقب وَهُوَ مُؤخر الْقدَم لَا الكعب فَلَو تَسَاويا فِي الْعقب وَتَقَدَّمت أَصَابِع الْمَأْمُوم لم يضر
تَنْبِيه لَو اعْتمد على إِحْدَى رجلَيْهِ وَقدم الْأُخْرَى على رجل الإِمَام لم يضر وَلَو قدم إِحْدَى رجلَيْهِ وَاعْتمد عَلَيْهِمَا لم يضر كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ
وَالِاعْتِبَار للقاعد بالألية كَمَا أفتى بِهِ الْبَغَوِيّ أَي وَلَو فِي التَّشَهُّد أما فِي حَال السُّجُود فَيظْهر أَن يكون الْمُعْتَبر رُؤُوس الْأَصَابِع ويشمل ذَلِك الرَّاكِب وَهُوَ الظَّاهِر وَمَا قيل من أَن الْأَقْرَب فِيهِ الِاعْتِبَار بِمَا اعتبروا بِهِ فِي الْمُسَابقَة بعيد وَفِي المضطجع بالجنب وَفِي المستلقي بِالرَّأْسِ وَهُوَ أحد وَجْهَيْن يظْهر اعْتِمَاده