للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَقْسِيم الطَّهَارَة إِلَى وَاجِب ومستحب) وتنقسم إِلَى وَاجِب كالطهارة عَن الْحَدث ومستحب كتجديد الْوضُوء والأغسال المسنونة ثمَّ الْوَاجِب يَنْقَسِم إِلَى بدني وقلبي فالقلبي كالحسد وَالْعجب وَالْكبر والرياء

قَالَ الْغَزالِيّ معرفَة حُدُودهَا وأسبابها وطبها وعلاجها فرض عين يجب تعلمه والبدني إِمَّا بِالْمَاءِ أَو بِالتُّرَابِ أَو بهما كَمَا فِي ولوغ الْكَلْب أَو بِغَيْرِهِمَا كالحريف فِي الدّباغ أَو بِنَفسِهِ كانقلاب الْخمر خلا

(القَوْل فِي أَنْوَاع الْمِيَاه) وَقَوله (الْمِيَاه) جمع مَاء وَالْمَاء مَمْدُود على الْأَفْصَح وَأَصله موه تحركت الْوَاو وَانْفَتح مَا قبلهَا فقلبت ألفا ثمَّ أبدلت الْهَاء همزَة

وَمن عَجِيب لطف الله تَعَالَى أَنه أَكثر مِنْهُ وَلم يحوج فِيهِ إِلَى كثير معالجة لعُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ (الَّتِي يجوز التَّطْهِير بهَا) أَي بِكُل وَاحِد مِنْهَا عَن الْحَدث والخبث

وَالْحَدَث فِي اللُّغَة الشَّيْء الْحَادِث وَفِي الشَّرْع يُطلق على أَمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمْنَع من صِحَة الصَّلَاة حَيْثُ لَا مرخص وعَلى الْأَسْبَاب الَّتِي يَنْتَهِي بهَا الطُّهْر وعَلى الْمَنْع الْمُتَرَتب على ذَلِك وَالْمرَاد هُنَا الأول لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يرفعهُ إِلَّا المَاء بِخِلَاف الْمَنْع لِأَنَّهُ صفة الْأَمر الاعتباري فَهُوَ غَيره لِأَن الْمَنْع هُوَ الْحُرْمَة وَهِي ترْتَفع ارتفاعا مُقَيّدا بِنَحْوِ التَّيَمُّم بِخِلَاف الأول

وَلَا فرق فِي الْحَدث بَين الْأَصْغَر وَهُوَ مَا نقض الْوضُوء والمتوسط وَهُوَ مَا أوجب الْغسْل من جماع أَو إِنْزَال والأكبر وَهُوَ مَا أوجبه من حيض أَو نِفَاس

والخبث فِي اللُّغَة مَا يستقذر وَفِي الشَّرْع مستقذر يمْنَع من صِحَة الصَّلَاة حَيْثُ لَا مرخص وَلَا فرق فِيهِ بَين المخفف كبول صبي لم يطعم غير لبن والمتوسط كبول غَيره من غير نَحْو الْكَلْب والمغلظ كبول نَحْو الْكَلْب

وَإِنَّمَا تعين المَاء فِي رفع الْحَدث لقَوْله تَعَالَى {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} وَالْأَمر للْوُجُوب فَلَو رفع غير المَاء لما وَجب التَّيَمُّم عِنْد فَقده

وَنقل ابْن الْمُنْذر وَغَيره الْإِجْمَاع على اشْتِرَاطه فِي الْحَدث إِزَالَة الْخبث لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خبر الصَّحِيحَيْنِ حِين بَال الْأَعرَابِي فِي الْمَسْجِد صبوا عَلَيْهِ ذنوبا من مَاء والذنُوب الدَّلْو الممتلئة مَاء

وَالْأَمر للْوُجُوب كَمَا مر فَلَو كفى غَيره لما وَجب غسل الْبَوْل بِهِ وَلَا يُقَاس بِهِ غَيره لِأَن الطُّهْر بِهِ عِنْد الإِمَام تعبدي وَعند غَيره مَعْقُول الْمَعْنى لما فِيهِ من الرقة واللطافة الَّتِي لَا تُوجد فِي غَيره

الْأَفْعَال كَانَ بِمَعْنى الْحل وَهُوَ هُنَا بِمَعْنى الْأَمريْنِ لِأَن من أَمر غير المَاء على أَعْضَاء الطَّهَارَة بنية الْوضُوء أَو الْغسْل لَا يجوز وَيحرم لِأَنَّهُ تقرب بِمَا لَيْسَ مَوْضُوعا للتقرب فعصى لتلاعبه (سبع مياه) بِتَقْدِيم السِّين على الْمُوَحدَة أَحدهَا (مَاء السَّمَاء) لقَوْله تَعَالَى {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء}

<<  <  ج: ص:  >  >>