للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن قيل لَو تبين حدث الْمَأْمُومين دون الإِمَام صحت جمعته كَمَا نَقله الشَّيْخَانِ عَن الْبَيَان مَعَ عدم انْعِقَاد صلَاتهم فَهَلا كَانَ هُنَاكَ كَذَلِك أُجِيب بِأَن الْمُحدث تصح جمعته فِي الْجُمْلَة بِأَن لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا بِخِلَافِهَا خَارج الْوَقْت

وَالرَّابِع من الشُّرُوط وجود الْعدَد كَامِلا من أول الْخطْبَة الأولى إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة لتخرج مَسْأَلَة الانفضاض الْمُتَقَدّمَة

وَالْخَامِس من الشُّرُوط أَن لَا يسبقها وَلَا يقارنها جُمُعَة فِي محلهَا وَلَو عظم كَمَا قَالَه الشَّافِعِي لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين لم يقيموا سوى جُمُعَة وَاحِدَة وَلِأَن الِاقْتِصَار على وَاحِدَة أفْضى إِلَى الْمَقْصُود من إِظْهَار شعار الِاجْتِمَاع واتفاق الْكَلِمَة

قَالَ الشَّافِعِي وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ فعلهَا فِي مسجدين لجَاز فِي مَسْجِد العشائر وَلَا يجوز إِجْمَاعًا إِلَّا إِذا كبر الْمحل وعسر اجْتِمَاعهم فِي مَكَان بِأَن لم يكن فِي مَحل الْجُمُعَة مَوضِع يسعهم بِلَا مشقة وَلَا غير مَسْجِد فَيجوز التَّعَدُّد للْحَاجة بحسبها لِأَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ دخل بَغْدَاد وَأَهْلهَا يُقِيمُونَ فِيهَا جمعتين وَقيل ثَلَاثًا فَلم يُنكر عَلَيْهِم فَحَمله الْأَكْثَرُونَ على عسر الِاجْتِمَاع قَالَ الرَّوْيَانِيّ وَلَا يحْتَمل مَذْهَب الشَّافِعِي غَيره وَقَالَ الصَّيْمَرِيّ وَبِه أفتى الْمُزنِيّ بِمصْر وَالظَّاهِر أَن الْعبْرَة فِي الْعسر بِمن يُصَلِّي لَا بِمن تلْزمهُ وَلَو لم يحضر وَلَا بِجَمِيعِ أهل الْبَلَد كَمَا قيل بذلك وَظَاهر النَّص منع التَّعَدُّد مُطلقًا وَعَلِيهِ اقْتصر صَاحب التَّنْبِيه كالشيخ أبي حَامِد ومتابعيه فالاحتياط لمن صلى جُمُعَة بِبَلَد تعدّدت فِيهِ الْجُمُعَة بِحَسب الْحَاجة وَلم يعلم سبق جمعته أَن يُعِيدهَا ظهرا فَلَو سبقها جُمُعَة فِي مَحل لَا يجوز التَّعَدُّد فِيهِ فالصحيحة السَّابِقَة لِاجْتِمَاع الشَّرَائِط فِيهَا واللاحقة بَاطِلَة وَالْمُعْتَبر سبق التَّحَرُّم بِتمَام التَّكْبِير وَهُوَ الرَّاء وَإِن سبقه الآخر بِالْهَمْزَةِ فَلَو وقعتا مَعًا أَو شكّ فِي الْمَعِيَّة فَلم يدر أوقعتا مَعًا أَو مُرَتبا استؤنفت الْجُمُعَة إِن اتَّسع الْوَقْت لتوافقهما فِي الْمَعِيَّة فَلَيْسَتْ إِحْدَاهمَا أولى من الْأُخْرَى وَلِأَن الأَصْل فِي صُورَة الشَّك عدم وُقُوع جُمُعَة مجزئة

قَالَ الإِمَام وَحكم الْأَئِمَّة بِأَنَّهُم إِذا أعادوا الْجُمُعَة بَرِئت ذمتهم مُشكل لاحْتِمَال تقدم إِحْدَاهمَا فَلَا تصح الْأُخْرَى فاليقين أَن يقيموا جُمُعَة ثمَّ ظهرا قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَمَا قَالَه مُسْتَحبّ وَإِلَّا فالجمعة كَافِيَة فِي الْبَرَاءَة كَمَا قَالُوهُ لِأَن الأَصْل عدم وُقُوع جُمُعَة مجزئة فِي حق كل طَائِفَة وَإِن سبقت إِحْدَاهمَا وَلم تتَعَيَّن كَأَن سمع مريضان تكبيرتين متلاحقتين وجهلا الْمُتَقَدّم فأخبرا بذلك أَو تعيّنت ونسيت بعده صلوا ظهرا لأَنا تَيَقنا وُقُوع جُمُعَة صَحِيحَة فِي نفس الْأَمر وَلَا يُمكن إِقَامَة جُمُعَة بعْدهَا والطائفة الَّتِي صحت بهَا الْجُمُعَة غير مَعْلُومَة وَالْأَصْل بَقَاء الْفَرْض فِي حق كل طَائِفَة فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الظّهْر

فَائِدَة الْجمع الْمُحْتَاج إِلَيْهَا مَعَ الزَّائِد عَلَيْهِ كالجمعتين الْمُحْتَاج إِلَى إِحْدَاهمَا فَفِي ذَلِك التَّفْصِيل الْمَذْكُور فيهمَا كَمَا أفتى بِهِ الْبُرْهَان بن أبي شرِيف وَهُوَ ظَاهر

(وفرائضها ثَلَاثَة) وَهَذَا لَا يُخَالف من عبر بِالشُّرُوطِ كالجمهور فَإِن الشُّرُوط ثَمَانِيَة كَمَا مر إِذْ الْفَرْض والشروط قد يَجْتَمِعَانِ فِي أَن كلا مِنْهُمَا لَا بُد مِنْهُ

الأول وَهُوَ الشَّرْط السَّادِس (خطبتان) لخَبر الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة خطبتين يجلس بَينهمَا وكونهما قبل الصَّلَاة بِالْإِجْمَاع إِلَّا من شَذَّ مَعَ خبر صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَلم يصل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بعدهمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>