للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَام فيهمَا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لمن سَأَلَهُ مَتى السَّاعَة مَا أَعدَدْت لَهَا فَقَالَ حب الله وَرَسُوله فَقَالَ إِنَّك مَعَ من أَحْبَبْت وَلم يُنكر عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَلَام وَلم يبين لَهُ وجوب السُّكُوت فَالْأَمْر فِي الْآيَة للنَّدْب جمعا بَين الدَّلِيلَيْنِ أما من لَا يسمعهما فيسكت أَو يشْتَغل بِالذكر أَو الْقِرَاءَة وَذَلِكَ أولى من السُّكُوت وَسن كَونهمَا على مِنْبَر فَإِن لم يكن مِنْبَر فعلى مُرْتَفع وَأَن يسلم على من عِنْد الْمِنْبَر وَأَن يقبل عَلَيْهِم إِذا صعد الْمِنْبَر أَو نَحوه وانْتهى إِلَى الدرجَة الَّتِي يجلس عَلَيْهَا الْمُسَمَّاة بالمستراح وَأَن يسلم عَلَيْهِم ثمَّ يجلس فَيُؤذن وَاحِد لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيع وَأَن تكون الْخطْبَة فصيحة جزلة لَا مبتذلة ركيكة قريبَة للفهم لَا غَرِيبَة وحشية إِذْ لَا ينْتَفع بهَا أَكثر النَّاس ومتوسطة لِأَن الطَّوِيل يمل والقصير يخل وَأما خبر مُسلم أطيلوا الصَّلَاة وأقصروا الْخطْبَة فقصرها بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة وَأَن لَا يلْتَفت فِي شَيْء مِنْهَا بل يسْتَمر مُقبلا عَلَيْهِم إِلَى فراغها وَيسن لَهُم أَن يقبلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ وَأَن يشغل يسراه بِنَحْوِ سيف ويمناه بِحرف الْمِنْبَر وَأَن يكون جُلُوسه بَين الْخطْبَتَيْنِ بِقدر سُورَة الْإِخْلَاص وَأَن يُقيم بعد فَرَاغه من الْخطْبَة مُؤذن ويبادر هُوَ ليبلغ الْمِحْرَاب مَعَ فَرَاغه من الْإِقَامَة فيشرع فِي الصَّلَاة وَالْمعْنَى فِي ذَلِك الْمُبَالغَة فِي تَحْقِيق الْوَلَاء الَّذِي مر وُجُوبه وَأَن يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بعد الْفَاتِحَة الْجُمُعَة وَفِي الثَّانِيَة المُنَافِقُونَ جَهرا لِلِاتِّبَاعِ

وَرُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة سبح {اسْم رَبك الْأَعْلَى} {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} قَالَ فِي الرَّوْضَة كَانَ يقْرَأ هَاتين فِي وَقت وَهَاتين فِي وَقت فهما سنتَانِ

(و) الرُّكْن الثَّانِي وَهُوَ الشَّرْط السَّابِع (أَن تصلى رَكْعَتَيْنِ) بِالْإِجْمَاع وَمر أَنَّهَا صَلَاة مُسْتَقلَّة لَيست ظهرا مَقْصُورَة

والركن الثَّالِث وَهُوَ الشَّرْط الثَّامِن أَن تقع فِي (الْجَمَاعَة) وَلَو فِي الرَّكْعَة الأولى لِأَنَّهَا لم تقع فِي عصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين إِلَّا كَذَلِك وَهل يشْتَرط تقدم إِحْرَام من تَنْعَقِد بهم لتصح لغَيرهم أَو لَا اشْترط الْبَغَوِيّ ذَلِك وَنَقله فِي الْكِفَايَة عَن القَاضِي وَرجح البُلْقِينِيّ الثَّانِي وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ إِن الصَّوَاب أَنه لَا يشْتَرط تقدم من ذكر وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد

قَالَ البُلْقِينِيّ وَلَعَلَّ مَا قَالَه القَاضِي أَي وَمن تبعه من عدم الصِّحَّة مَبْنِيّ على الْوَجْه الَّذِي قَالَ إِنَّه الْقيَاس وَهُوَ أَنه لَا تصح الْجُمُعَة خلف الصَّبِي أَو العَبْد أَو الْمُسَافِر إِذا تمّ الْعدَد بِغَيْرِهِ وَالأَصَح الصِّحَّة

ثمَّ شرع فِي الْقسم الثَّالِث وَهُوَ الْآدَاب وَتسَمى هيئات فَقَالَ (وهيئاتها) أَي الْحَالة الَّتِي تطلب لَهَا والمذكورة مِنْهَا هُنَا (أَربع)

الأول (الْغسْل) لمن يُرِيد حُضُورهَا وَإِن لم تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة لحَدِيث إِذا جَاءَ أحدكُم الْجُمُعَة فليغتسل وتفارق الْجُمُعَة الْعِيد حَيْثُ لم يخْتَص بِمن يحضر بِأَن غسله للزِّينَة وَإِظْهَار السرُور وَهَذَا للتنظيف وَدفع الْأَذَى عَن النَّاس وَمثله يَأْتِي فِي التزيين وَرُوِيَ غسل الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم أَي متأكد وَوَقته من الْفجْر الصَّادِق وتقريبه من ذَهَابه إِلَى الْجُمُعَة أفضل لِأَنَّهُ أفْضى إِلَى الْمَقْصُود من انْتِفَاء الرَّائِحَة الكريهة وَلَو تعَارض الْغسْل والتبكير فمراعاة الْغسْل أولى فَإِن عجز عَن المَاء كَأَن تَوَضَّأ

<<  <  ج: ص:  >  >>