الْوَقْت فَإِنَّهَا لَحْظَة لَطِيفَة
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عِنْد ذكره إِيَّاهَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها وَأما لَيْلَتهَا فلقول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بَلغنِي أَن الدُّعَاء يُسْتَجَاب فِي لَيْلَة الْجُمُعَة وللقياس على يَوْمهَا وَيسن كَثْرَة الصَّدَقَة وَفعل الْخَيْر فِي يَوْمهَا وليلتها وَيكثر من الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْمهَا وليلتها لخَبر إِن من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فَأَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِيهِ فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ
وَخبر أَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة فَمن صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صلى عَليّ يَوْم الْجُمُعَة ثَمَانِينَ مرّة غفر لَهُ ذنُوب ثَمَانِينَ سنة وَيحرم على من تلْزمهُ الْجُمُعَة التشاغل بِالْبيعِ وَغَيره بعد الشُّرُوع فِي الْأَذَان بَين يَدي الْخَطِيب حَال جُلُوسه على الْمِنْبَر لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع} فورد النَّص فِي البيع وَقيس عَلَيْهِ غَيره فَإِن بَاعَ صَحَّ بيعا لِأَن النَّهْي لِمَعْنى خَارج عَن العقد
وَيكرهُ قبل الْأَذَان الْمَذْكُور بعد الزَّوَال لدُخُول وَقت الْوُجُوب
(وَمن دخل) لصَلَاة الْجُمُعَة (وَالْإِمَام) يقْرَأ (فِي الْخطْبَة) الأولى أَو الثَّانِيَة أَو هُوَ جَالس بَينهمَا (يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ يجلس) لخَبر مُسلم جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ يَا سليك قُم فاركع رَكْعَتَيْنِ وَتجوز فيهمَا ثمَّ قَالَ إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ وليتجوز فيهمَا هَذَا إِن صلى سنة الْجُمُعَة وَإِلَّا صلاهَا مُخَفّفَة وحصلت التَّحِيَّة وَلَا يزِيد على رَكْعَتَيْنِ بِكُل حَال فَإِن لم تحصل تَحِيَّة الْمَسْجِد كَأَن كَانَ فِي غير الْمَسْجِد لم يصل شَيْئا
فإطلاقهم ومنعهم فِي الرَّاتِبَة مَعَ قيام سَببهَا يَقْتَضِي أَنه لَو تذكر فِي هَذَا الْوَقْت فرضا لَا يَأْتِي بِهِ وَأَنه لَو أَتَى بِهِ لم ينْعَقد وَهُوَ الظَّاهِر كَمَا قَالَه بعض الْمُتَأَخِّرين أما الدَّاخِل فِي آخر الْخطْبَة فَإِن غلب على ظَنّه أَنه إِن صلاهما فَاتَتْهُ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام مَعَ الإِمَام لم يصل التَّحِيَّة بل يقف حَتَّى تُقَام الصَّلَاة وَلَا يقْعد لِئَلَّا يكون جَالِسا فِي الْمَسْجِد قبل التَّحِيَّة
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَلَو صلاهَا فِي هَذِه الْحَالة اسْتحبَّ للْإِمَام أَن يزِيد فِي كَلَام الْخطْبَة بِقدر مَا يكملها وَمَا قَالَه نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم وَالْمرَاد بِالتَّخْفِيفِ فِيمَا ذكر الِاقْتِصَار على الْوَاجِبَات كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ لَا الْإِسْرَاع
قَالَ وَيدل لَهُ مَا ذَكرُوهُ من أَنه إِذا ضَاقَ الْوَقْت وَأَرَادَ الْوضُوء اقْتصر على الْوَاجِبَات وَيجب أَيْضا تَخْفيف الصَّلَاة على من كَانَ فِيهَا عِنْد صعُود الْخَطِيب الْمِنْبَر وجلوسه وَلَا تُبَاح لغير الْخَطِيب من الْحَاضِرين نَافِلَة بعد صُعُوده الْمِنْبَر وجلوسه وَإِن لم يسمع الْخطْبَة لإعراضه عَنهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَنقل فِيهِ الْمَاوَرْدِيّ الْإِجْمَاع وَالْفرق بَين الْكَلَام حَيْثُ لَا بَأْس بِهِ
وَإِن صعد الْخَطِيب الْمِنْبَر مَا لم يبتدىء الْخطْبَة وَبَين الصَّلَاة حَيْثُ تحرم حِينَئِذٍ أَن قطع الْكَلَام هَين مَتى ابْتَدَأَ الْخَطِيب الْخطْبَة بِخِلَاف الصَّلَاة فَإِنَّهُ قد يفوتهُ بهَا سَماع أول الْخطْبَة وَإِذا حرمت لم تَنْعَقِد كَمَا قَالَه البُلْقِينِيّ لِأَن الْوَقْت لَيْسَ لَهَا
تَتِمَّة من أدْرك مَعَ إِمَام الْجُمُعَة رَكْعَة وَلَو ملفقة لم تفته الْجُمُعَة فَيصَلي بعد زَوَال قدوته بمفارقته أَو سَلَامه رَكْعَة
وَيسن أَن يجْهر فِيهَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك من صَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَة فقد أدْرك الصَّلَاة فَإِن أدْرك دون الرَّكْعَة فَاتَتْهُ الْجُمُعَة لمَفْهُوم الْخَبَر فَيتم بعد سَلام إِمَامه ظهرا وَيَنْوِي وجوبا فِي اقتدائه جُمُعَة مُوَافقَة للْإِمَام وَلِأَن الْيَأْس لم يحصل مِنْهَا إِلَّا بِالسَّلَامِ
وَإِذا بطلت صَلَاة إِمَام