خُرُوجه لقَضَاء حَاجَة أَو نَحْوهَا لمنافاته الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة
وَأما الْمُبَاشرَة بِشَهْوَة فِيمَا دون الْفرج كلمس وقبلة فتبطله إِن أنزل وَإِلَّا فَلَا تبطله لما مر فِي الصَّوْم وَخرج بِالْمُبَاشرَةِ مَا إِذا نظر أَو تفكر فَأنْزل فَإِنَّهُ لَا يبطل وبالشهوة مَا إِذا قبل بِقصد الْإِكْرَام أَو نَحوه أَو بِلَا قصد فَلَا يُبطلهُ إِذا أنزل والاستمناء كالمباشرة وَلَو جَامع نَاسِيا للاعتكاف أَو جَاهِلا فكجماع الصَّائِم نَاسِيا صَوْمه أَو جَاهِلا فَلَا يضر كَمَا مر فِي الصّيام وَلَا يضر فِي الِاعْتِكَاف التَّطَيُّب والتزين وقص شَارِب وَلبس ثِيَاب حَسَنَة وَنَحْو ذَلِك من دواعي الْجِمَاع لِأَنَّهُ لم ينْقل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَركه وَلَا أَمر بِتَرْكِهِ وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ على الْإِبَاحَة وَله أَن يتَزَوَّج ويزوج بِخِلَاف الْمحرم وَلَا تكره لَهُ الصَّنَائِع فِي الْمَسْجِد كالخياطة وَالْكِتَابَة مَا لم يكثر مِنْهَا فَإِن أَكثر مِنْهَا كرهت لِحُرْمَتِهِ إِلَّا كِتَابَة الْعلم فَلَا يكره الْإِكْثَار مِنْهَا لِأَنَّهَا طَاعَة كتعليم الْعلم ذكره فِي الْمَجْمُوع
وَله أَن يَأْكُل وَيشْرب وَيغسل يَدَيْهِ فِيهِ وَالْأولَى أَن يَأْكُل فِي سفرة أَو نَحْوهَا وَأَن يغسل يَده فِي طست أَو نَحْوهَا ليَكُون أنظف لِلْمَسْجِدِ وَيجوز نضحه بمستعمل خلافًا لما جرى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ من الْحُرْمَة لاتفاقهم على جَوَاز الْوضُوء فِيهِ وَإِسْقَاط مَائه فِي أرضه مَعَ أَنه مُسْتَعْمل وَيجوز الاحتجام والفصد فِي إِنَاء مَعَ الْكَرَاهَة إِذا أَمن تلويث الْمَسْجِد وَيحرم الْبَوْل فِيهِ فِي إِنَاء وَالْفرق بَينه وَبَين مَا تقدم أَن الدَّم أخف مِنْهُ لما مر أَنه يُعْفَى عَنْهَا فِي محلهَا وَإِن كثرت إِذا لم تكن بِفِعْلِهِ وَإِن اشْتغل الْمُعْتَكف بِالْقُرْآنِ وَالْعلم فَزِيَادَة خير لِأَنَّهُ طَاعَة فِي طَاعَة
خَاتِمَة يسن للمعتكف الصَّوْم لِلِاتِّبَاعِ وللخروج من خلاف من أوجبه وَلَا يضر الْفطر بل يَصح اعْتِكَاف اللَّيْل وَحده لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي نذرت أَن أعتكف لَيْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ أوف بِنَذْرِك فاعتكف لَيْلَة وَلخَبَر أنس لَيْسَ على الْمُعْتَكف صِيَام إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه وَلَو نذر اعْتِكَاف شهر بِعَيْنِه فَبَان إِنَّه انْقَضى قبل نَذره لم يلْزمه شَيْء لِأَن اعْتِكَاف شهر قد مضى محَال
وَهل الْأَفْضَل للمتطوع بالاعتكاف الْخُرُوج لعيادة الْمَرِيض أَو دوَام الِاعْتِكَاف قَالَ الْأَصْحَاب هما سَوَاء
وَقَالَ ابْن الصّلاح إِن الْخُرُوج لَهَا مُخَالف للسّنة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يخرج لذَلِك وَكَانَ اعْتِكَافه تَطَوّعا
وَقَالَ البُلْقِينِيّ يَنْبَغِي أَن يكون مَوضِع التَّسْوِيَة فِي عِيَادَة الْأَجَانِب أما ذَوُو الرَّحِم والأقارب والأصدقاء وَالْجِيرَان
فَالظَّاهِر أَن الْخُرُوج لعيادتهم أفضل لَا سِيمَا إِذا علم أَنه يشق عَلَيْهِم وَعبارَة القَاضِي الْحُسَيْن مصرحة بذلك وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أَعلَى وَأعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute