على نفس الْمُدعى بِهِ صَحِيح وَإِن لم يكن فِي الْمُحَرر وَلَا غَيره من كتب الشَّيْخَيْنِ
وَالْقَوْل بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيم لِأَن على وَالْبَاء يدخلَانِ على الْمَأْخُوذ وَمن وَعَن على الْمَتْرُوك مَرْدُود بِأَن ذَلِك جري على الْغَالِب كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَبِأَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور مَأْخُوذ ومتروك باعتبارين غَايَته أَن إِلْغَاء الصُّلْح فِي ذَلِك للإنكار ولفساد الصِّيغَة باتحاد الْعِوَضَيْنِ
وَقَوله صالحني عَمَّا تدعيه لَيْسَ إِقْرَارا لِأَنَّهُ قد يُرِيد بِهِ قطع الْخُصُومَة وَيسْتَثْنى من بطلَان الصُّلْح على الْإِنْكَار مسَائِل مِنْهَا اصْطِلَاح الْوَرَثَة فِيمَا وقف بَينهم إِذا لم يبْذل أحدهم عوضا من خَالص ملكه وَمِنْهَا مَا إِذا أسلم على أَكثر من أَربع نسْوَة وَمَات قبل الِاخْتِيَار أَو طلق إِحْدَى زوجتيه وَمَات قبل الْبَيَان أَو التَّعْيِين ووقف الْمِيرَاث بَينهُنَّ فاصطلحن وَمِنْهَا مَا لَو تداعيا وَدِيعَة عِنْد رجل فَقَالَ لَا أعلم لأيكما هِيَ أَو دَارا فِي يدهما وَأقَام كل بَيِّنَة ثمَّ اصطلحا وَإِذا تصالحا ثمَّ اخْتلفَا فِي أَنَّهُمَا تصالحا على إِقْرَار أَو إِنْكَار فَالَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن القَوْل قَول مدعي الْإِنْكَار لِأَن الأَصْل أَن لَا عقد وَلَو أُقِيمَت عَلَيْهِ بَيِّنَة بعد الْإِنْكَار جَازَ الصُّلْح كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ لِأَن لُزُوم الْحق بِالْبَيِّنَةِ كلزومه بِالْإِقْرَارِ
وَلَو أقرّ ثمَّ أنكر جَازَ الصُّلْح وَلَو أنكر فصولح ثمَّ أقرّ كَانَ الصُّلْح بَاطِلا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
(و) يَصح الصُّلْح أَيْضا فِي كل (مَا يُفْضِي) أَي يؤول (إِلَيْهَا) أَي الْأَمْوَال كالعفو عَن الْقصاص كمن ثَبت لَهُ على شخص قصاص فَصَالحه عَلَيْهِ على مَال بِلَفْظ الصُّلْح كصالحتك من كَذَا على مَا تستحقه عَليّ من قصاص فَإِنَّهُ يَصح أَو بِلَفْظ البيع فَلَا
القَوْل فِي أَنْوَاع الصُّلْح (وَهُوَ) أَي الصُّلْح ضَرْبَان صلح عَن دين وَصلح عَن عين وكل مِنْهُمَا (نَوْعَانِ) فَالْأول من نَوْعي الدّين وَعَلِيهِ اقْتصر المُصَنّف (إِبْرَاء) وَسَيَأْتِي فِي كَلَامه
وَالثَّانِي من نَوْعي الدّين وَتَركه المُصَنّف اختصارا مُعَاوضَة وَهُوَ الْجَارِي على غير الْعين المدعاة
فَإِن صَالح عَن بعض أَمْوَال الرِّبَا على مَا يُوَافقهُ فِي الْعلَّة اشْترط قبض الْعِوَض فِي الْمجْلس وَلَا يشْتَرط تَعْيِينه فِي نفس الصُّلْح على الْأَصَح وَإِن لم يكن العوضان ربوبين فَإِن كَانَ الْعِوَض عينا صَحَّ الصُّلْح وَإِن لم يقبض فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ دينا صَحَّ على الْأَصَح وَيشْتَرط تَعْيِينه فِي الْمجْلس
وَالنَّوْع الأول من نَوْعي الْعين وَتَركه المُصَنّف اختصارا صلح الحطيطة وَهُوَ الْجَارِي على بعض الْعين المدعاة كمن صَالح من دَار على بَعْضهَا أَو من ثَوْبَيْنِ على أَحدهمَا وَهَذَا هبة لبَعض الْعين المدعاة لمن هُوَ فِي يَده فَيشْتَرط لصِحَّته الْقبُول ومضي مُدَّة إِمْكَان الْقَبْض
وَيصِح فِي الْبَعْض الْمَتْرُوك بِلَفْظ الْهِبَة وَالتَّمْلِيك وشبههما وَكَذَا بِلَفْظ الصُّلْح على الْأَصَح كصالحتك من الدَّار على ربعهَا وَلَا يَصح بِلَفْظ البيع لعدم الثّمن
(و) الثَّانِي من نَوْعي الْعين وَعَلِيهِ اقْتصر المُصَنّف (مُعَاوضَة) وَسَيَأْتِي فِي كَلَامه
القَوْل فِي صلح الْإِبْرَاء (فالإبراء) الَّذِي هُوَ النَّوْع الأول من نَوْعي الدّين (اقْتِصَاره من حَقه) من الدّين الْمُدعى بِهِ