للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تصح الْبَرَاءَة من الْأَعْيَان

وَيصِح ضَمَان رد كل عين مِمَّن هِيَ فِي يَده مَضْمُونَة عَلَيْهِ كمغصوبة ومستعارة كَمَا يَصح بِالْبدنِ بل أولى لِأَن الْمَقْصُود هُنَا المَال وَيبرأ الضَّامِن بردهَا للمضمون لَهُ وَيبرأ أَيْضا بتلفها فَلَا يلْزمه قيمتهَا كَمَا لَو مَاتَ الْمَكْفُول بِبدنِهِ لَا يلْزم الْكَفِيل الدّين

وَلَو قَالَ ضمنت مِمَّا لَك على زيد من دِرْهَم إِلَى عشرَة صَحَّ وَكَانَ ضَامِنا لتسعة إدخالا للطرف الأول لِأَنَّهُ مبدأ الِالْتِزَام وَقيل عشره إِدْخَال للطرفين فِي الِالْتِزَام

فَإِن قيل رجح النَّوَوِيّ فِي بَاب الطَّلَاق أَنه لَو قَالَ أَنْت طَالِق من وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث وُقُوع الثَّلَاث وَقِيَاسه تعْيين الْعشْرَة

أُجِيب بِأَن الطَّلَاق مَحْصُور فِي عدد فَالظَّاهِر اسْتِيفَاؤهُ بِخِلَاف الدّين

وَلَو ضمن مَا بَين دِرْهَم وَعشرَة لزمَه ثَمَانِيَة كَمَا فِي الْإِقْرَار

القَوْل فِي شَرط الصِّيغَة وَشرط فِي الصِّيغَة للضَّمَان وَالْكَفَالَة الْآتِيَة لفظ يشْعر بالالتزام كضمنت دينك الَّذِي على فلَان أَو تكفلت بِبدنِهِ وَلَا يصحان بِشَرْط بَرَاءَة أصيل لمُخَالفَته مقتضاهما وَلَا بتعليق وَلَا بتوقيت

وَلَو كفل بدن غَيره وَأجل إِحْضَاره لَهُ بِأَجل مَعْلُوم صَحَّ للْحَاجة كضمان حَال مُؤَجّلا بِأَجل مَعْلُوم

وَيثبت الْأَجَل فِي حق الضَّامِن وَيصِح ضَمَان الْمُؤَجل حَالا وَلَا يلْزم الضَّامِن تَعْجِيل الْمَضْمُون وَإِن الْتَزمهُ حَالا كَمَا لَو الْتَزمهُ الْأَصِيل

القَوْل فِي مَا يَتَرَتَّب على الضَّمَان الصَّحِيح (وَلِصَاحِب الْحق) وَلَو وَارِثا (مُطَالبَة من شَاءَ من الضَّامِن) وَلَو مُتَبَرعا (والمضمون عَنهُ) بِأَن يطالبهما جَمِيعًا أَو يُطَالب أَيهمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَو يُطَالب أَحدهمَا بِبَعْضِه وَالْآخر بباقيه أما الضَّامِن فلخبر الزعيم غَارِم وَأما الْأَصِيل فَلِأَن الدّين بَاقٍ عَلَيْهِ

وَلَو برىء الْأَصِيل من الدّين برىء الضَّامِن مِنْهُ وَلَا عكس فِي إِبْرَاء الضَّامِن بِخِلَاف مَا لَو برىء بِغَيْر إِبْرَاء كأداء

وَلَو مَاتَ أَحدهمَا وَالدّين مُؤَجل حل عَلَيْهِ لِأَن ذمَّته خربَتْ بِخِلَاف الْحَيّ فَلَا يحل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يرتفق بالأجل

وَإِنَّمَا يُخَيّر فِي الْمُطَالبَة (إِذا كَانَ الضَّمَان) صَحِيحا (على مَا بَيناهُ) فِيمَا تقدم من كَون الدّين لَازِما مَعْلُوم الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة وَشرط فِي الْمَضْمُون لَهُ

هُوَ الدَّائِن معرفَة الضَّامِن عينه لتَفَاوت النَّاس فِي اسْتِيفَاء الدّين تشديدا وتسهيلا وَمَعْرِفَة وَكيله كمعرفته كَمَا أفتى بِهِ ابْن الصّلاح وَإِن أفتى ابْن عبد السَّلَام بِخِلَافِهِ لِأَن الْغَالِب أَن الشَّخْص لَا يُوكل إِلَّا من هُوَ أَشد مِنْهُ فِي الْمُطَالبَة وَلَا يشْتَرط رِضَاهُ لِأَن الضَّمَان مَحْض الْتِزَام لم يوضع على قَوَاعِد المعاقدات وَلَا رضَا الْمَضْمُون عَنهُ وَهُوَ الْمَدِين وَلَا مَعْرفَته لجَوَاز التَّبَرُّع بأَدَاء دين غَيره بِغَيْر إِذْنه ومعرفته (وَإِذا غرم الضَّامِن) الْحق لصَاحبه (رَجَعَ) بِمَا غرمه (على الْمَضْمُون عَنهُ إِذا كَانَ الضَّمَان وَالْقَضَاء) للدّين (بِإِذْنِهِ) أَي الْمَضْمُون عَنهُ لَهُ فيهمَا لِأَنَّهُ صرف مَاله إِلَى مَنْفَعَة الْغَيْر بِإِذْنِهِ هَذَا إِذا أدّى من مَاله

أما لَو أَخذ من سهم الغارمين فَأدى بِهِ الدّين فَإِنَّهُ لَا يرجع كَمَا ذَكرُوهُ فِي قسم الصَّدقَات وَإِن انْتَفَى إِذْنه فِي الضَّمَان وَالْأَدَاء فَلَا رُجُوع لَهُ لتبرعه فَإِن أذن فِي الضَّمَان فَقَط وَسكت عَن الْأَدَاء رَجَعَ فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ أذن فِي سَبَب الْأَدَاء وَلَا يرجع إِذا ضمن بِغَيْر الْإِذْن وَأدّى بِالْإِذْنِ لِأَن وجوب الْأَدَاء بِسَبَب الضَّمَان وَلم يَأْذَن فِيهِ

نعم لَو أدّى بِشَرْط الرُّجُوع رَجَعَ كَغَيْر الضَّامِن وَحَيْثُ ثَبت الرُّجُوع فَحكمه حكم الْقَرْض حَتَّى يرجع فِي الْمُتَقَوم بِمثلِهِ صُورَة كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن

وَمن أدّى دين غَيره بِإِذن وَلَا ضَمَان رَجَعَ وَإِن لم يشرط الرُّجُوع للْعُرْف بِخِلَاف مَا إِذا أَدَّاهُ بِلَا إِذن لِأَنَّهُ مُتَبَرّع وَإِنَّمَا يرجع مؤد وَلَو ضَامِنا إِذا أشهد بذلك وَلَو رجلا ليحلف مَعَه لِأَن ذَلِك حجَّة أَو أدّى بِحَضْرَة مَدين وَلَو

<<  <  ج: ص:  >  >>