بِالنِّيَّاتِ أَي الْأَعْمَال المعتد بهَا شرعا
(القَوْل فِي مَقَاصِد النِّيَّة) وحقيقتها لُغَة الْقَصْد وَشرعا قصد الشَّيْء مقترنا بِفِعْلِهِ
وَحكمهَا الْوُجُوب كَمَا علم مِمَّا مر
ومحلها الْقلب
وَالْمَقْصُود بهَا تَمْيِيز الْعِبَادَات عَن الْعَادَات كالجلوس فِي الْمَسْجِد للاعتكاف تَارَة وللاستراحة أُخْرَى أَو تَمْيِيز رتبتها كَالصَّلَاةِ تكون للْفَرض تَارَة وللنفل أُخْرَى
وَشَرطهَا إِسْلَام الناوي وتمييزه وَعلمه بالمنوي وَعدم إِتْيَانه بِمَا ينافيها بِأَن يستصحبها حكما وَأَن لَا تكون معلقَة فَلَو قَالَ إِن شَاءَ الله فَإِن قصد التَّعْلِيق أَو أطلق لم تصح وَإِن قصد التَّبَرُّك صحت
ووقتها أول الْفُرُوض كأول غسل جُزْء من الْوَجْه وَإِنَّمَا لم يوجبوا الْمُقَارنَة فِي الصَّوْم لعسر مراقبة الْفجْر وتطبيق النِّيَّة عَلَيْهِ
وكيفيتها تخْتَلف بِحَسب الْأَبْوَاب فَيَكْفِي هُنَا نِيَّة رفع حدث كَمَا مر أَو نِيَّة اسْتِبَاحَة شَيْء مفتقر إِلَى وضوء كَالصَّلَاةِ وَالطّواف وَمَسّ الْمُصحف لِأَن رفع الْحَدث إِنَّمَا يطْلب لهَذِهِ الْأَشْيَاء فَإِذا نَوَاهَا فقد نوى غَايَة الْقَصْد أَو أَدَاء فرض الْوضُوء أَو فرض الْوضُوء وَإِن كَانَ المتوضىء صَبيا أَو أَدَاء الْوضُوء أَو الْوضُوء فَقَط لتعرضه للمقصود فَلَا يشْتَرط التَّعَرُّض للفرضية كَمَا لَا يشْتَرط فِي الْحَج وَالْعمْرَة وَصَوْم رَمَضَان
(النِّيَّة فِي الْوضُوء المجدد) تَنْبِيه مَا تقرر من الْأُمُور السَّابِقَة مَحَله فِي الْوضُوء غير المجدد أما المجدد فَالْقِيَاس عدم الِاكْتِفَاء فِيهِ بنية الرّفْع أَو الاستباحة
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَقد يُقَال يَكْتَفِي بهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَة غير أَن ذَلِك مُشكل خَارج عَن الْقَوَاعِد فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ
قَالَ ابْن الْعِمَاد وتخريجه على الصَّلَاة لَيْسَ بِبَعِيد لِأَن قَضِيَّة التَّجْدِيد أَن يُعِيد الشَّيْء بِصفتِهِ الأولى انْتهى
وَالْأول أولى لِأَن الصَّلَاة اخْتلف فِيهَا هَل فَرْضه الأولى أَو الثَّانِيَة وَلم يقل أحد فِي الْوضُوء فِيمَا علمت بذلك وَإِنَّمَا اكْتفي بنية الْوضُوء فَقَط دون نِيَّة الْغسْل لِأَن الْوضُوء لَا يكون إِلَّا عبَادَة فَلَا يُطلق على غَيرهَا بِخِلَاف الْغسْل فَإِنَّهُ يُطلق على غسل الْجَنَابَة وَغسل النَّجَاسَة وَغَيرهمَا
وَلَو نوى الطَّهَارَة عَن الْحَدث صَحَّ فَإِن لم يقل عَن الْحَدث لم يَصح على الصَّحِيح كَمَا فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَعلله فِي الْمَجْمُوع بِأَن الطَّهَارَة قد تكون عَن حدث وَقد تكون عَن خبث فَاعْتبر التَّمْيِيز وَمن دَامَ حَدثهُ كمستحاضة وَمن بِهِ سَلس بَوْل أَو ريح كَفاهُ نِيَّة الاستباحة الْمُتَقَدّمَة دون نِيَّة الرّفْع الْمَار لبَقَاء حَدثهُ وَينْدب لَهُ الْجمع بَينهمَا خُرُوجًا من خلاف من أوجبه لتَكون نِيَّة الرّفْع للْحَدَث السَّابِق وَنِيَّة الاستباحة أَو نَحْوهَا للاحق
وَبِهَذَا ينْدَفع مَا قيل إِنَّه قد جمع فِي نِيَّته بَين مُبْطل وَغَيره ويكفيه أَيْضا نِيَّة الْوضُوء وَنَحْوهَا مِمَّا تقدم كَمَا صرح بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِير
(القَوْل فِي نِيَّة دَائِم الْحَدث) تَنْبِيه حكم نِيَّة دَائِم الْحَدث فِيمَا يستبيحه من الصَّلَوَات الْخمس وَغَيرهَا حكم نِيَّة الْمُتَيَمم
كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ هُنَا وأغفله