للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجاهدين والمساجد والربط أم لم تظهر كالأغنياء وَأهل الذِّمَّة والفسقة لِأَن الصَّدَقَة عَلَيْهِم جَائِزَة وَلَو وقف شخص على الْأَغْنِيَاء وَادّعى شخص أَنه غَنِي لم يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة بِخِلَاف مَا لَو وقف على الْفُقَرَاء وَادّعى شخص أَنه فَقير وَلم يعرف لَهُ مَال فَيقبل بِلَا بَيِّنَة نظرا للْأَصْل فيهمَا

تَنْبِيه قَضِيَّة عطف المُصَنّف قَوْله وَفرع لَا يَنْقَطِع على مَا قبله أَنَّهُمَا شَرط وَاحِد وَلِهَذَا عد الشُّرُوط ثَلَاثَة وَالَّذِي فِي الرَّوْضَة أَنهم شَرْطَانِ كَمَا قررت بِهِ كَلَامه

(و) الشَّرْط الرَّابِع (أَن لَا يكون فِي مَحْظُور) بِالْحَاء الْمُهْملَة والظاء المشالة أَي محرم كعمارة الْكَنَائِس وَنَحْوهَا من متعبدات الْكفَّار للتعبد فِيهَا أَو حصرها أَو قناديلها أَو خدامها أَو كتب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل أَو السِّلَاح لقطاع الطَّرِيق لِأَنَّهُ إِعَانَة على مَعْصِيّة وَالْوَقْف شرع للتقرب فهما متضادان

وَشرط فِي الصِّيغَة وَهُوَ الرُّكْن الرَّابِع لفظ يشْعر بالمراد كَالْعِتْقِ بل أولى وَفِي مَعْنَاهُ مَا مر فِي الضَّمَان وصريحة كوقفت وسلبت وحبست كَذَا على كَذَا أَو تَصَدَّقت بِكَذَا على كَذَا صَدَقَة مُحرمَة أَو مُؤَبّدَة أَو مَوْقُوفَة أَو لَا تبَاع أَو لَا توهب أَو جعلت هَذَا الْمَكَان مَسْجِدا وكنايته كحرمت وأبدت هَذَا للْفُقَرَاء لِأَن كلا مِنْهُمَا لَا يسْتَعْمل مُسْتقِلّا وَإِنَّمَا يُؤَكد بِهِ فَلَا يكون صَرِيحًا وكتصدقت بِهِ مَعَ إِضَافَته لجِهَة عَامَّة كالفقراء

وَألْحق الْمَاوَرْدِيّ بِاللَّفْظِ أَيْضا مَا لَو بنى مَسْجِدا بنيته بموات

وَالشّرط الْخَامِس التَّأْبِيد كالوقف على من لم ينقرض قبل قيام السَّاعَة كالفقراء أَو على من ينقرض ثمَّ على من لَا ينقرض كزيد ثمَّ الْفُقَرَاء فَلَا يَصح تأقيت الْوَقْف

فَلَو قَالَ وقفت هَذَا على كَذَا سنة لم يَصح لفساد الصِّيغَة فَإِن أعقبه بمصرف كوقفته على زيد سنة ثمَّ على الْفُقَرَاء صَحَّ وَرُوِيَ فِيهِ شَرط الْوَاقِف وَهَذَا فِيمَا لَا يضاهي التَّحْرِير أما مَا يضاهيه كالمسجد والمقبرة والرباط كَقَوْلِه جعلته مَسْجِدا سنة فَإِنَّهُ يَصح مُؤَبَّدًا كَمَا لَو ذكر فِيهِ شرطا فَاسِدا وَهُوَ لَا يفْسد بِالشّرطِ الْفَاسِد وَلَو قَالَ وقفت على أَوْلَادِي أَو على زيد ثمَّ نَسْله وَنَحْوه مِمَّا لَا يَدُوم وَلم يزدْ على ذَلِك من يصرف إِلَيْهِ بعدهمْ صَحَّ لِأَن الْمَقْصُود بِالْوَقْفِ الْقرْبَة والدوام فَإِذا تبين مصرفه ابْتِدَاء سهل إدامته على سَبِيل الْخَيْر وَيُسمى مُنْقَطع الآخر فَإِذا انقرض الْمَذْكُور صرف إِلَى أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف يَوْم انْقِرَاض الْمَذْكُور وَيخْتَص الْمصرف وجوبا بفقراء قرَابَة الرَّحِم لَا الْإِرْث فِي الْأَصَح فَيقدم ابْن بنت على ابْن عَم وَلَو كَانَ الْوَقْف مُنْقَطع الأول كوقفته على من سيولد لي ثمَّ على الْفُقَرَاء لم يَصح لِأَن الأول بَاطِل لعدم إِمْكَان الصّرْف إِلَيْهِ فِي الْحَال فَكَذَا مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَو كَانَ الْوَقْف مُنْقَطع الْوسط كوقفت على أَوْلَادِي ثمَّ على رجل مُبْهَم ثمَّ على الْفُقَرَاء صَحَّ لوُجُود الْمصرف فِي الْحَال والمآل ثمَّ بعد أَوْلَاده يصرف للْفُقَرَاء

وَالشّرط السَّادِس بَيَان الْمصرف فَلَو اقْتصر على قَوْله وقفت كَذَا وَلم يذكر مصرفه لم يَصح لعدم ذكر مصرفه وَلَو ذكر الْمصرف إِجْمَالا كَقَوْلِه وقفت هَذَا على مَسْجِد كَذَا كفي وَصرف إِلَى مَصَالِحه عِنْد الْجُمْهُور

<<  <  ج: ص:  >  >>