للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَا يقبل التَّعْلِيق فَلَو حل من إِحْرَامه أَو عَاد إِلَى الْإِسْلَام والموهوب بَاقٍ على ملك الْوَلَد رَجَعَ

فروع لَو وهب لوَلَده شَيْئا ووهبه الْوَلَد لوَلَده لم يرجع الأول فِي الْأَصَح لِأَن الْملك غير مُسْتَفَاد مِنْهُ وَلَو وهبه لوَلَده فوهبه الْوَلَد لِأَخِيهِ من أَبِيه لم يثبت للْأَب الرُّجُوع لِأَن الْوَاهِب لَا يملك الرُّجُوع فالأب أولى وَلَو وهبه الْوَلَد لجده ثمَّ الْجد لوَلَده فالرجوع للْجدّ فَقَط وَلَو زَالَ ملك الْوَلَد عَن الْمَوْهُوب وَعَاد إِلَيْهِ بِإِرْث أَو غَيره لم يرجع الأَصْل لِأَن الْملك غير مُسْتَفَاد مِنْهُ حَتَّى يرجع فِيهِ

وَلَو زرع الْوَلَد الْحبّ أَو فرخ الْبيض لم يرجع الأَصْل فِيهِ كَمَا جزم بِهِ ابْن الْمقري وَإِن جزم البُلْقِينِيّ بِخِلَافِهِ لِأَن الْمَوْهُوب صَار مُسْتَهْلكا وَلَو زَاد الْمَوْهُوب رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَة كالسمن دون الْمُنْفَصِلَة كَالْوَلَدِ الْحَادِث فَإِنَّهُ يبْقى للمتهب لحدوثه على ملكه بِخِلَاف الْحمل الْمُقَارن للهبة فَإِنَّهُ يرجع فِيهِ وَإِن انْفَصل

القَوْل فِي مَا يتَحَقَّق فِي الرُّجُوع فِي الْهِبَة وَيحصل الرُّجُوع برجعت فِيمَا وهبت أَو استرجعته أَو رَددته إِلَى ملكي

أَو نقضت الْهِبَة أَو نَحْو ذَلِك كأبطلتها أَو فسختها وَلَا يحصل الرُّجُوع بِبيع مَا وهبه الأَصْل لفرعه وَلَا بوقفه وَلَا بهبته وَلَا بإعتاقه وَلَا بِوَطْء الْأمة

وَلَا بُد فِي صِحَة الْهِبَة من صِيغَة وَهُوَ الرُّكْن الرَّابِع وَتحصل بِإِيجَاب وَقبُول لفظا من النَّاطِق مَعَ التواصل الْمُعْتَاد كَالْبيع

وَمن صرائح الْإِيجَاب وَهبتك ومنحتك وملكتك بِلَا ثمن وَمن صرائح الْقبُول قبلت ورضيت وَيقبل الْهِبَة للصَّغِير وَنَحْوه مِمَّن لَيْسَ أَهلا للقبول الْوَلِيّ وَلَا يشْتَرط الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي الْهَدِيَّة وَلَا فِي الصَّدَقَة بل يَكْفِي الْإِعْطَاء من الْمَالِك وَالْأَخْذ من الْمَدْفُوع لَهُ

القَوْل فِي الْعُمْرَى والرقبى (و) تصح بعمرى ورقبى فالعمرى كَمَا (إِذا أعمر شَيْئا) كَأَن قَالَ أعمرتك هَذَا أَي جعلته لَك عمرك أَو حياتك أَو مَا عِشْت وَإِن زَاد فَإِذا مت عَاد لي لخَبر الصَّحِيحَيْنِ الْعُمْرَى مِيرَاث لأَهْلهَا وَخرج بقولنَا جعلته لَك عمرك مَا لَو قَالَ جعلته لَك عمري أَو عمر زيد فَإِنَّهُ لَا يَصح لِخُرُوجِهِ عَن اللَّفْظ الْمُعْتَاد لما فِيهِ من تأقيت الْملك فَإِن الْوَاهِب أَو زيدا قد يَمُوت أَو لَا بِخِلَاف الْعَكْس فَإِن الْإِنْسَان لَا يملك إِلَّا مُدَّة حَيَاته وَلَا يَصح تَعْلِيق الْعُمْرَى كإذا جَاءَ فلَان أَو رَأس الشَّهْر فَهَذَا الشَّيْء لَك عمرك

والرقبى كَمَا إِذا قَالَ جعلته لَك رقبى (أَو أرقبه) كَأَن قَالَ أرقبتكه أَي إِن مت قبلي عَاد لي وَإِن مت قبلك اسْتَقَرَّتْ لَك (كَانَ) ذَلِك الشَّيْء (للمعمر) فِي الأولى (أَو للمرقب) فِي الثَّانِيَة بِلَفْظ اسْم الْمَفْعُول فيهمَا (ولورثته من بعده) وَيَلْغُو الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الْعُمْرَى والرقبى لخَبر أَبُو دَاوُد لَا تعمروا وَلَا ترقبوا فَمن أعمر شَيْئا أَو أرقبه فَهُوَ لوَرثَته أَي لَا تعمروا وَلَا ترقبوا طَمَعا فِي أَن يعود إِلَيْكُم فَإِن مصيره الْمِيرَاث

والرقبى من الرقوب فَكل مِنْهُمَا يرقب موت الآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>