الْإِسْلَام وَاجِبَة بِكُل المَال للْوَالِدين والأقربين ثمَّ نسخ وُجُوبهَا بِآيَة الْمَوَارِيث وَبَقِي استحبابها فِي الثُّلُث فَأَقل لغير الْوَارِث وَإِن قل المَال وَكثر الْعِيَال
القَوْل فِي أَرْكَان الْوَصِيَّة وأركانها أَرْبَعَة صِيغَة وموصي وموصى لَهُ وموصى بِهِ وَأسْقط المُصَنّف من ذَلِك الصِّيغَة وَذكر الْبَقِيَّة
وَبَدَأَ بالموصي بِهِ بقوله (وَتجوز الْوَصِيَّة) بالشَّيْء (الْمَعْلُوم) وَإِن قل كحبتي الْحِنْطَة وبنجوم الْكِتَابَة وَإِن لم تكن مُسْتَقِرَّة وبالمكاتب وَإِن لم يقل إِن عجز نَفسه وَبِعَبْد غَيره وَإِن لم يقل إِن ملكته
وبنجاسة يحل الِانْتِفَاع بهَا ككلب معلم أَو قَابل التَّعْلِيم وَبِنَحْوِ زبل مِمَّا ينْتَفع بِهِ كسماد وَجلد ميتَة قَابل للدباغ وزيت نجس وميتة لطعم الْجَوَارِح كَمَا نَقله القَاضِي أَبُو الطّيب عَن الْأَصْحَاب وخمر مُحْتَرمَة لثُبُوت الِاخْتِصَاص فِي ذَلِك
وَلَو أوصى بكلب من كلابه أعْطى الْمُوصى لَهُ أَحدهَا فَإِن لم يكن لَهُ كلب يحل الِانْتِفَاع بِهِ لغت وَصيته
وَلَو كَانَ لَهُ مَال وكلاب وَأوصى بهَا كلهَا أَو بِبَعْضِهَا نفذت وَصيته وَإِن كثرت الْكلاب وَقل المَال لِأَن المَال خير من الْكلاب (و) تجوز الْوَصِيَّة بالشَّيْء (الْمَجْهُول) عينه كأوصيت لزيد بِمَالي الْغَائِب أَو عبد من عَبِيدِي أَو قدره كأوصيت لَهُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِم أَو نَوعه كأوصيت لَهُ بِصَاع حِنْطَة أَو جنسه كأوصيت لَهُ بِثَوْب أَو صفته كالحمل الْمَوْجُود وَكَانَ ينْفَصل حَيا لوقت يعلم وجوده عِنْدهَا لِأَن الْوَصِيَّة تحْتَمل الْجَهَالَة وَبِمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه كالطير الطَّائِر وَالْعَبْد الْآبِق لِأَن الْمُوصى لَهُ يخلف الْمَيِّت فِي ثلثه كَمَا يخلفه الْوَارِث فِي ثُلثَيْهِ (و) تجوز بالشَّيْء (الْمَوْجُود) كأوصيت لَهُ بِهَذِهِ الْمِائَة لِأَنَّهَا إِذا صحت بالمعدوم فبالموجود أولى (و) تجوز بالشَّيْء (الْمَعْدُوم) كَأَن يُوصي بثمرة أَو حمل سيحدث لِأَن الْوَصِيَّة احْتمل فِيهَا وُجُوه من الْغرَر رفقا بِالنَّاسِ وتوسعة وَلِأَن الْمَعْدُوم يَصح تملكه بِعقد السّلم وَالْمُسَاقَاة وَالْإِجَارَة فَكَذَا بِالْوَصِيَّةِ وَتجوز بالمبهم كَأحد عبديه لِأَن الْوَصِيَّة تحْتَمل الْجَهَالَة فَلَا يُؤثر فِيهَا الْإِبْهَام ويعين الْوَارِث وَتجوز بالمنافع الْمُبَاحَة وَحدهَا مُؤَقَّتَة ومؤبدة ومطلقة وَالْإِطْلَاق يَقْتَضِي التَّأْبِيد لِأَنَّهَا أَمْوَال مُقَابلَة بالأعواض كالأعيان وَتجوز بِالْعينِ دون الْمَنْفَعَة وبالعين لوَاحِد وبالمنفعة لآخر
وَإِنَّمَا صحت فِي الْعين وَحدهَا لشخص مَعَ عدم الْمَنْفَعَة فِيهَا لِإِمْكَان صيرورة الْمَنْفَعَة لَهُ بِإِجَارَة أَو إِبَاحَة أَو نَحْو ذَلِك
تَنْبِيه يشْتَرط فِي الْمُوصى بِهِ كَونه مَقْصُودا كَمَا فِي الرَّوْضَة فَلَا تصح بِمَا لَا يقْصد كَالدَّمِ وَكَونه يقبل النَّقْل من شخص إِلَى شخص فَمَا لَا يقبل النَّقْل كَالْقصاصِ وحد الْقَذْف لَا تصح الْوَصِيَّة بِهِ لِأَنَّهُمَا وَإِن انتقلا بِالْإِرْثِ لَا يتَمَكَّن مستحقهما من أقلهَا
نعم لَو أوصى بِهِ لمن هُوَ عَلَيْهِ صَحَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَاب الْعَفو عَن الْقصاص
القَوْل فِي مِقْدَار الْوَصِيَّة (وَهِي) أَي الْوَصِيَّة مُعْتَبرَة (من الثُّلُث) سَوَاء أوصى بِهِ فِي صِحَة أَو مَرضه لِاسْتِوَاء الْكل وَقت اللُّزُوم حَال الْمَوْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute