كالصدقة عَلَيْهِمَا وَالْهِبَة لَهما
وَصورتهَا فِي الْقَاتِل أَن يُوصي لرجل فيقتله ولحمل إِن انْفَصل حَيا حَيَاة مُسْتَقِرَّة لدوّنَ سِتَّة أشهر مِنْهَا للْعَمَل بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودا عِنْدهَا أَو لأكْثر مِنْهُ ولأربع سِنِين فَأَقل مِنْهَا وَلم تكن الْمَرْأَة فراشا لزوج أَو سيد فَإِن كَانَت فراشا لَهُ أَو انْفَصل لأكْثر من أَربع سِنِين لم تصح الْوَصِيَّة لاحْتِمَال حُدُوثه مَعهَا أَو بعْدهَا فِي الأولى وَلعدم وجودهَا عِنْدهَا فِي الثَّانِيَة
وَتَصِح لعمارة مَسْجِد ومصالحه ومطلقا وَتحمل عِنْد الْإِطْلَاق عَلَيْهِمَا عملا بِالْعرْفِ فَإِن قَالَ أردْت تَمْلِيكه فَقيل تبطل الْوَصِيَّة
وَبحث الرَّافِعِيّ صِحَّتهَا بِأَن لِلْمَسْجِدِ ملكا وَعَلِيهِ وَقفا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا هُوَ الأفقه الْأَرْجَح
ثمَّ شرع فِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ الْوَصِيَّة لغير معِين بقوله (و) تجوز الْوَصِيَّة (فِي سَبِيل الله تَعَالَى) لِأَنَّهُ من القربات وَتصرف إِلَى الْغُزَاة من أهل الزَّكَاة لثُبُوت هَذَا الِاسْم لَهُم فِي عرف الشَّرْع وَيشْتَرط فِي الْوَصِيَّة لغير الْمعِين أَن لَا يكون جِهَة مَعْصِيّة كعمارة كَنِيسَة للتعبد فِيهَا وَكِتَابَة التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وقراءتهما وَكِتَابَة كتب الفلسفة وَسَائِر الْعُلُوم الْمُحرمَة وَمن ذَلِك الْوَصِيَّة لدهن سراج الْكَنِيسَة تَعْظِيمًا لَهَا
أما إِذا قصد انْتِفَاع المقيمين والمجاورين بضوئها فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَإِن خَالف فِي ذَلِك الْأَذْرَعِيّ وَسَوَاء أوصى بِمَا ذكر مُسلم أم كَافِر وَإِذا انْتَفَت الْمعْصِيَة فَلَا فرق بَين أَن تكون قربَة كالفقراء وَبِنَاء الْمَسَاجِد أَو مُبَاحَة لَا يظْهر فِيهَا قربَة كَالْوَصِيَّةِ للأغنياء وَفك أُسَارَى الْكفَّار من الْمُسلمين لِأَن الْقَصْد من الْوَصِيَّة تدارك مَا فَاتَ فِي حَال الْحَيَاة من الْإِحْسَان فَلَا يجوز أَن تكون مَعْصِيّة
تَنْبِيه سكت المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى عَن الصِّيغَة وَهُوَ الرُّكْن الرَّابِع وَشرط فِيهَا لفظ يشْعر بِالْوَصِيَّةِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مر فِي الضَّمَان
وَهِي تَنْقَسِم إِلَى صَرِيح كأوصيت لَهُ بِكَذَا أَو أَعْطوهُ لَهُ أَو هُوَ لَهُ أَو وهبته لَهُ بعد موتِي فِي الثَّلَاثَة وَإِلَى كِنَايَة كَقَوْلِه من مَالِي وَمَعْلُوم أَن الْكِنَايَة تفْتَقر إِلَى النِّيَّة وَالْكِتَابَة كِنَايَة فتنعقد بهَا مَعَ النِّيَّة كَالْبيع وَأولى فَلَو اقْتصر على قَوْله هُوَ لَهُ فَقَط فإقرار لَا وَصِيَّة
القَوْل فِي لُزُوم الْوَصِيَّة بِالْمَوْتِ وَتلْزم الْوَصِيَّة بِمَوْت وَلَكِن مَعَ قبُول بعده وَلَو بتراخ فِي موصى لَهُ معِين وَإِن تعدد
وَلَا يشْتَرط الْقبُول فِي غير معِين كالفقراء وَيجوز الِاقْتِصَار على ثَلَاثَة مِنْهُم وَلَا تجب التَّسْوِيَة بَينهم وَإِنَّمَا لم يشْتَرط الْفَوْر فِي الْقبُول لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْتَرط فِي الْعُقُود الَّتِي يشْتَرط فِيهَا ارتباط الْقبُول بِالْإِيجَابِ فَلَا يَصح قبُول وَلَا رد فِي حَيَاة الْمُوصي إِذْ لَا حق لَهُ قبل الْمَوْت فَأشبه إِسْقَاط الشُّفْعَة قبل البيع فَلِمَنْ قبل فِي الْحَيَاة الرَّد بعد الْمَوْت وَبِالْعَكْسِ
وَيصِح الرَّد بَين الْمَوْت وَالْقَبُول لَا بعدهمَا وَبعد الْقَبْض وَأما بعد الْقبُول وَقبل الْقَبْض فَالْأَوْجه عدم الصِّحَّة كَمَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا وَإِن صحّح فِي تَصْحِيحه الصِّحَّة فَإِن مَاتَ الْمُوصى لَهُ قبل الْمُوصي بطلت الْوَصِيَّة لِأَنَّهَا قبل الْمَوْت غير لَازِمَة فبطلت بِالْمَوْتِ وَإِن مَاتَ بعد الْمُوصي وَقبل الْقبُول وَالرَّدّ خَلفه وَارثه فيهمَا فَإِن كَانَ الْوَارِث بَيت المَال فالقابل وَالرَّدّ هُوَ الإِمَام وَملك الْمُوصى لَهُ الْمعِين للْمُوصى بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاق بعد موت الْمُوصي وَقبل الْقبُول مَوْقُوف إِن قبل بَان أَنه ملكه بِالْمَوْتِ وَإِن رد بَان أَنه للْوَارِث ويتبعه فِي الْوَقْف الْفَوَائِد الْحَاصِلَة من الْمُوصى بِهِ كثمرة وَكسب والمؤنة وَلَو فطْرَة وَيُطَالب الْوَارِث الْمُوصى لَهُ أَو الرَّقِيق الْمُوصى بِهِ أَو الْقَائِم مقامهما من ولي ووصي بالمؤن إِن توقف