للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشوزهن

تَنْبِيه ظَاهر كَلَام المُصَنّف أَنه لَا يضْرب إِلَّا إِذا تكَرر مِنْهَا النُّشُوز وَهُوَ مَا رَجحه جُمْهُور الْعِرَاقِيّين وَغَيرهم وَرجحه الرَّافِعِيّ وَالَّذِي صَححهُ النَّوَوِيّ جَوَاز الضَّرْب وَإِن لم يتَكَرَّر النُّشُوز لظَاهِر الْآيَة

وَإِنَّمَا يجوز الضَّرْب إِذا أَفَادَ ضربهَا فِي ظَنّه وَإِلَّا فَلَا يضْربهَا كَمَا صرح بِهِ الإِمَام وَغَيره

وَخرج بقوله غير مبرح المبرح فَإِنَّهُ لَا يجوز مُطلقًا وَلَا يجوز على الْوَجْه والمهالك

وَالْأولَى لَهُ الْعَفو عَن الضَّرْب

وَخبر النَّهْي عَن ضرب النِّسَاء مَحْمُول على ذَلِك أَو على الضَّرْب بِغَيْر سَبَب يَقْتَضِيهِ وَهَذَا بِخِلَاف ولي الصَّبِي فَالْأولى لَهُ عدم الْعَفو لِأَن ضربه للتأديب مصلحَة لَهُ وَضرب الزَّوْج زَوجته مصلحَة لنَفسِهِ

(وَيسْقط بالنشوز قسمهَا) الْوَاجِب لَهَا والنشوز يحصل بخروجها من منزل زَوجهَا بِغَيْر إِذْنه لَا إِلَى القَاضِي لطلب الْحق مِنْهُ وَلَا إِلَى اكتسابها النَّفَقَة إِذا أعْسر بهَا الزَّوْج وَلَا إِلَى استفتاء إِذا لم يكن زَوجهَا فَقِيها وَلم يستفت لَهَا وَيحصل أَيْضا بمنعها الزَّوْج من الِاسْتِمْتَاع وَلَو غير الْجِمَاع حَيْثُ لَا عذر لَا منعهَا لَهُ مِنْهُ تذللا وَلَا الشتم لَهُ وَلَا الْإِيذَاء لَهُ بِاللِّسَانِ أَو غَيره بل تأثم بِهِ وتستحق التَّأْدِيب

(و) تسْقط بِهِ أَيْضا حَيْثُ لَا عذر (نَفَقَتهَا) وتوابعها كالسكنى وآلات التَّنْظِيف وَنَحْوهَا فَإِن كَانَ بهَا عذر كَأَن كَانَت مَرِيضَة أَو مضناة لَا تحْتَمل الْجِمَاع أَو بفرجها قُرُوح أَو كَانَت مَرِيضَة مُسْتَحَاضَة أَو كَانَ الزَّوْج عبلا أَي كَبِير الْآلَة يَضرهَا وَطْؤُهُ فَلَا تسْقط نَفَقَتهَا لعذرها

تَنْبِيه قَضِيَّة إِطْلَاق المُصَنّف كَغَيْرِهِ تنَاوله نشوز بعض الْيَوْم وَهُوَ الْأَصَح ومرادهم بالسقوط هُنَا منع الْوُجُوب لَا سُقُوط مَا وَجب حَتَّى لَو نشزت قبل الْفجْر وطلع الْفجْر وَهِي نَاشِزَة

فَلَا وجوب وَيُقَال سَقَطت لِأَن السُّقُوط فرع الْوُجُوب

وَسكت المُصَنّف عَن سُقُوط الْكسْوَة بالنشوز اكْتِفَاء

بجعلهم الْكسْوَة تَابِعَة للنَّفَقَة تجب بِوُجُوبِهَا وَتسقط بسقوطها وَسَيَأْتِي تَحْرِير ذَلِك فِي فصل نَفَقَة الزَّوْجَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى

حكم منع زَوجته حَقّهَا تَتِمَّة لَو منع الزَّوْج زَوجته حَقًا لَهَا كقسم وَنَفَقَة ألزمهُ القَاضِي توفيته إِذا طلبته لعجزها عَنهُ فَإِن أَسَاءَ خلقه وأذاها بِضَرْب أَو غَيره بِلَا سَبَب نَهَاهُ عَن ذَلِك وَلَا يعزره فَإِن عَاد إِلَيْهِ وَطلبت تعزيره من القَاضِي عزره بِمَا يَلِيق بِهِ لتعديه عَلَيْهَا

وَإِنَّمَا لم يعزره فِي الْمرة الأولى وَإِن كَانَ الْقيَاس جَوَازه إِذا طلبته لِأَن إساءة الْخلق تكْثر بَين الزَّوْجَيْنِ وَالتَّعْزِير عَلَيْهَا يُورث وَحْشَة بَينهمَا فَيقْتَصر أَولا

<<  <  ج: ص:  >  >>