للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَي لَا أهتم بشأنك لِأَنِّي طَلقتك

والسرب بِفَتْح السِّين وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ الْإِبِل وَمَا يرْعَى من المَال أما بِكَسْر السِّين فالجماعة من الظباء وَالْبَقر وَيجوز كسر السِّين هُنَا

وَخرج بِقَيْد شبه مَا ذكر مَا لَا يُشبههُ من الْأَلْفَاظ نَحْو بَارك الله لي فِيك وأطعميني واسقيني وزوديني وقومي واقعدي وَنَحْو ذَلِك فَلَا يَقع بِهِ طَلَاق وَإِن نَوَاه لِأَن اللَّفْظ لَا يصلح لَهُ

القَوْل فِي شُرُوط وُقُوع الطَّلَاق بِالْكِنَايَةِ (فَإِن نوى بِجَمِيعِ ذَلِك) أَي بِلَفْظ من أَلْفَاظه (الطَّلَاق) فِيهِ (وَقع) إِن اقْترن بِكُل اللَّفْظ كَمَا فِي الْمِنْهَاج كَأَصْلِهِ وَقيل يَكْفِي اقترانها بأوله وينسحب مَا بعده عَلَيْهِ وَرجحه الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالَّذِي رَجحه ابْن الْمقري وَهُوَ الْمُعْتَمد أَنه يَكْفِي اقترانها بِبَعْض اللَّفْظ سَوَاء أَكَانَ من أَوله أَو وَسطه أَو آخِره إِذْ الْيَمين إِنَّمَا تعْتَبر بِتَمَامِهَا

تَنْبِيه اللَّفْظ الَّذِي يعْتَبر قرن النِّيَّة بِهِ هُوَ لفظ الْكِنَايَة كَمَا صرح بِهِ الْمَاوَرْدِيّ وَالرُّويَانِيّ والبندنيجي لَكِن مثل لَهُ الرَّافِعِيّ تبعا لجَماعَة بقرنها بأنت من أَنْت بَائِن مثلا وَصوب فِي الْمُهِمَّات الأول لِأَن الْكَلَام فِي الْكِنَايَات

وَالْأَوْجه الِاكْتِفَاء بِمَا قَالَه الرَّافِعِيّ لِأَن أَنْت وَإِن لم يكن جُزْءا من الْكِنَايَة فَهُوَ كالجزء مِنْهَا لِأَن مَعْنَاهَا الْمَقْصُود لَا يتَأَدَّى بِدُونِهِ

(وَإِن لم يُنَوّه) بِلَفْظ من أَلْفَاظ الْكِنَايَات الْمَذْكُورَة (لم يَقع) طَلَاق لعدم قَصده وَإِشَارَة نَاطِق وَإِن فهمها كل أحد بِطَلَاق كَأَن قَالَت لَهُ زَوجته طَلقنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن اذهبي لَغْو لَا يَقع بِهِ شَيْء لِأَن عدوله عَن الْعبارَة إِلَى الْإِشَارَة يفهم أَنه غير قَاصد للطَّلَاق وَإِن قَصده بهَا فَهِيَ لَا تقصد للإفهام إِلَّا نَادرا

ويعتد بِإِشَارَة أخرس وَلَو قدر على الْكِتَابَة كَمَا صرح بِهِ الإِمَام فِي الْعُقُود كَالْبيع وَفِي الأقارير وَفِي الدَّعَاوَى وَفِي الْحُلُول كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْق وَاسْتثنى فِي الدقائق شَهَادَته وإشارته فِي الصَّلَاة فَلَا يعْتد بهَا وَلَا يَحْنَث بهَا فِي الْحلف على عدم الْكَلَام فَإِن فهم طَلَاقه مثلا بإشارته كل أحد من فطن وَغَيره فصريحة لَا تحْتَاج لنِيَّة وَإِن اخْتصَّ بطلاقه بإشارته فطنون فكناية تحْتَاج إِلَى النِّيَّة

تَتِمَّة لَو قَالَ لزوجته إِن أبرأتني من دينك فَأَنت طَالِق فأبرأته بَرَاءَة صَحِيحَة وَقع الطَّلَاق بَائِنا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ لغَيْرهَا إِن أبرأتني من دينك فزوجتي طَالِق فأبرأته بَرَاءَة صَحِيحَة وَقع الطَّلَاق رَجْعِيًا لِأَنَّهُ تَعْلِيق مَحْض

وَلَو قَالَ لزوجته إِن دخلت الْبَيْت وَوجدت فِيهِ شَيْئا من متاعك وَلم أكسره على رَأسك فَأَنت طَالِق فَوجدَ فِي الْبَيْت هونا لَهَا لم تطلق كَمَا جزم بِهِ الْخَوَارِزْمِيّ وَرجحه الزَّرْكَشِيّ للاستحالة وَقيل تطلق قبيل مَوته أَو مَوتهَا لليأس وَلَو قَالَ لزوجته إِن قبلت ضرتك فَأَنت طَالِق فقبلها ميتَة لم تطلق بِخِلَاف تَعْلِيقه بتقبيل أمه فَإِنَّهَا تطلق بتقبيله لَهَا ميتَة إِذْ قبْلَة الزَّوْجَة قبْلَة شَهْوَة وَلَا شَهْوَة بعد الْمَوْت وَالأُم لَا فرق فِيهَا بَين الْحَيَاة وَالْمَوْت لِأَن قبلتها قبْلَة شَفَقَة وكرامة أكرمنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَجَمِيع أهلنا ومشايخنا وأصحابنا وَالْمُسْلِمين بِالنّظرِ إِلَى وَجهه الْكَرِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>