بنية عتقه عَن كَفَّارَته لِأَن عتقه مُسْتَحقّ بِجِهَة الْقَرَابَة فَلَا ينْصَرف عَنْهَا إِلَى الْكَفَّارَة وَلَا عتق أم ولد لاستحقاقها الْعتْق وَلَا عتق ذِي كِتَابَة صَحِيحَة لِأَن عتقه يَقع بِسَبَب الْكِتَابَة ويجزىء مُدبر ومعلق عتقه بِصفة
الشَّرْط الرَّابِع خلو الرَّقَبَة عَن شوب الْعِوَض فَلَو أعتق عَبده عَن كَفَّارَته بعوض يَأْخُذهُ من الرَّقِيق كأعتقتك عَن كفارتي على أَن ترد عَليّ ألفا أَو على أَجْنَبِي كأعتقت عَبدِي هَذَا عَن كفارتي بِأَلف لي عَلَيْك فَقيل لم يجز ذَلِك الْإِعْتَاق عَن كَفَّارَته
وَضَابِط من يلْزمه الْعتْق كل من ملك رَقِيقا أَو ثمنه من نقد أَو عرض فَاضلا عَن كِفَايَة نَفسه وَعِيَاله الَّذين تلْزمهُ مؤنتهم شرعا نَفَقَة وَكِسْوَة وسكنى وأثاثا وإخداما لَا بُد مِنْهُ لزمَه الْعتْق
قَالَ الرَّافِعِيّ وسكتوا عَن تَقْدِير مُدَّة النَّفَقَة وَبَقِيَّة الْمُؤَن فَيجوز أَن يقدر ذَلِك بالعمر الْغَالِب وَأَن يقدر بِسنة وَصوب فِي الرَّوْضَة مِنْهُمَا
الثَّانِي وَقَضِيَّة ذَلِك أَنه لَا نقل فيهمَا مَعَ أَن مَنْقُول الْجُمْهُور الأول وَهُوَ الْمُعْتَمد
وَلَا يجب على الْمُكَفّر بيع ضيعته وَهِي بِفَتْح الضَّاد الْعقار وَلَا بيع رَأس مَال تِجَارَته بِحَيْثُ لَا يفضل دخلهما من غلَّة الضَّيْعَة وَربح مَال التِّجَارَة عَن كِفَايَته لممونه لتَحْصِيل رَقِيق يعتقهُ وَلَا بيع مسكن ورقيق نفيسين ألفهما لعسر مُفَارقَة المألوف وَلَا يجب شِرَاء بِغَبن وَأظْهر الْأَقْوَال اعْتِبَار الْيَسَار الَّذِي يلْزمه بِهِ الْإِعْتَاق بِوَقْت الْأَدَاء لَا بِوَقْت الْوُجُوب وَلَا بِأَيّ وَقت كَانَ
ثمَّ شرع فِي الْخصْلَة الثَّانِيَة من خِصَال الْكَفَّارَة فَقَالَ (فَإِن لم يجد) رَقَبَة يعتقها بِأَن عجز عَنْهَا حسا أَو شرعا (فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة
فَلَو تكلّف الْإِعْتَاق بالاستقراض أَو غَيره أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ ترقى إِلَى الرُّتْبَة الْعليا وَيعْتَبر الشهران بالهلال وَلَو نقصا وَيكون صومهما بنية الْكَفَّارَة لكل يَوْم مِنْهُمَا كَمَا هُوَ مَعْلُوم فِي صَوْم الْفَرْض
وَيجب تبييت النِّيَّة كَمَا فِي صَوْم رَمَضَان وَلَا يشْتَرط نِيَّة التَّتَابُع اكْتِفَاء بالتتابع الْفعْلِيّ فَإِن بَدَأَ بِالصَّوْمِ فِي أثْنَاء شهر حسب الشَّهْر بعده بالهلال وَأتم الأول من الثَّالِث ثَلَاثِينَ يَوْمًا ويفوت التَّتَابُع بِفَوَات يَوْم بِلَا عذر وَلَو كَانَ الْيَوْم الْأَخير
أما إِذا فَاتَ بِعُذْر فَإِن كَانَ كجنون لم يضر لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّوْم أَو كَمَرَض مسوغ للفطر ضرّ لِأَن الْمَرَض لَا يُنَافِي الصَّوْم
ثمَّ شرع فِي الْخصْلَة الثَّالِثَة من خِصَال الْكَفَّارَة فَقَالَ (فَإِن لم يسْتَطع) أَي الصَّوْم المتتابع لهرم أَو لمَرض يَدُوم شَهْرَيْن ظنا الْمُسْتَفَاد من الْعَادة فِي مثله أَو من قَول الْأَطِبَّاء أَو لمَشَقَّة شَدِيدَة وَلَو كَانَت الْمَشَقَّة لشبق وَهُوَ شدَّة الغلمة أَي شَهْوَة الْوَطْء أَو خوف زِيَادَة مرض (فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا) لِلْآيَةِ السَّابِقَة أَو فَقِيرا لِأَنَّهُ أَسْوَأ حَالا مِنْهُ وَيَكْفِي الْبَعْض مَسَاكِين وَالْبَعْض فُقَرَاء
تَنْبِيه قَوْله فإطعام تبع فِيهِ لفظ الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْمرَاد تمليكهم كَقَوْل جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أطْعم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجدّة السُّدس أَي ملكهَا فَلَا يَكْفِي التغدية وَلَا التعشية وَهل يشْتَرط اللَّفْظ أَو يَكْفِي الدّفع عبارَة الرَّوْضَة تَقْتَضِي اللَّفْظ لِأَنَّهُ عبر بالتمليك قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَهُوَ بعيد
أَي فَلَا يشْتَرط لفظ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر كدفع الزَّكَاة وَلَا يَكْفِي تَمْلِيكه كَافِرًا وَلَا هاشميا وَلَا مطلبيا وَلَا من تلْزمهُ نَفَقَته كزوجته وقريبه وَلَا إِلَى مكفي بِنَفَقَة قريب أَو زوج وَلَا إِلَى عبد وَلَو مكَاتبا لِأَنَّهَا حق الله تَعَالَى فَاعْتبر فِيهَا صِفَات الزَّكَاة وَيصرف للستين الْمَذْكُورين سِتِّينَ مدا
(كل مِسْكين مد) كَأَن يَضَعهَا