وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسبيعة الأسْلَمِيَّة وَقد وضعت بعد موت زَوجهَا بِنصْف شهر قد حللت فَانْكِحِي من شِئْت مُتَّفق عَلَيْهِ
وَخرج بقولنَا يلْحق الْمَيِّت مَا لَو مَاتَ صبي لَا يُولد لمثله عَن حَامِل فَإِن عدتهَا بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ منفي عَنهُ يَقِينا لعدم إنزاله وَكَذَا لَو مَاتَ مَمْسُوح وَهُوَ الْمَقْطُوع جَمِيع ذكره وأنثييه عَن حَامِل فعدتها بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ إِذْ لَا يلْحقهُ ولد على الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لَا ينزل فَإِن الْأُنْثَيَيْنِ مَحل الْمَنِيّ الَّذِي يتدفق بعد انْفِصَاله من الظّهْر وَلم يعْهَد لمثله ولادَة
فَائِدَة حُكيَ أَن أَبَا عبيد بن حربويه قلد قَضَاء مصر وَقضى بِهِ فَحَمله الْمَمْسُوح على كتفه وَطَاف بِهِ الْأَسْوَاق وَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا القَاضِي يلْحق أَوْلَاد الزِّنَا بالخدام وَيلْحق الْوَلَد مجبوبا قطع جَمِيع ذكره وَبَقِي أنثياه فَتعْتَد الْحَامِل بِوَضْعِهِ لبَقَاء أوعية الْمَنِيّ وَمَا فِيهَا من الْقُوَّة المحيلة للدم
وَكَذَا مسلول خصيتاه وَبَقِي ذكره يلْحقهُ الْوَلَد فتنقضي بِهِ الْعدة على الْمَذْهَب لِأَن آلَة الْجِمَاع بَاقِيَة فقد يُبَالغ فِي الْإِيلَاج فيلتذ وَينزل مَاء رَقِيقا (وَإِن كَانَت) أَي الْمُعْتَدَّة عَن وَفَاة (حَائِلا) وَهِي بِهَمْزَة مَكْسُورَة غير الْحَامِل (فعدتها) إِن كَانَت حرَّة وَإِن لم تُوطأ أَو كَانَت صَغِيرَة أَو زَوْجَة صبي أَو مَمْسُوح
(أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) من الْأَيَّام لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَهُوَ مَحْمُول على الْحَرَائِر كَمَا مر وعَلى الحائلات بِقَرِينَة الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وكالحائلات الحاملة من غير الزَّوْج وَهَذِه الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول} فَإِن قيل شَرط النَّاسِخ أَن يكون مُتَأَخِّرًا عَن الْمَنْسُوخ مَعَ أَن الْآيَة الأولى مُتَقَدّمَة وَهَذِه مُتَأَخِّرَة
أُجِيب بِأَنَّهَا مُتَقَدّمَة فِي التِّلَاوَة مُتَأَخِّرَة فِي النُّزُول وَتعْتَبر الْأَشْهر بِالْأَهِلَّةِ مَا أمكن ويكمل المنكسر بِالْعدَدِ كنظائره
فَإِن خفيت عَلَيْهَا الْأَهِلّة كالمحبوسة اعْتدت بِمِائَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَو مَاتَ عَن مُطلقَة رَجْعِيَّة انْتَقَلت إِلَى عدَّة وَفَاة بِالْإِجْمَاع كَمَا حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر أَو مَاتَ عَن مُطلقَة بَائِن فَلَا تنْتَقل لعدة وَفَاة لِأَنَّهَا لَيست بِزَوْجَة فتكمل عدَّة الطَّلَاق وَخرج بِقَيْد الْحرَّة الْأمة وَسَتَأْتِي فِي كَلَامه
ثمَّ شرع فِي الضَّرْب الثَّانِي فَقَالَ (وَغير الْمُتَوفَّى عَنْهَا) الْمُعْتَدَّة عَن فرقة طَلَاق أَو فسخ بِعَيْب أَو رضَاع أَو لعان (إِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل) لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} فَهُوَ مُخَصص لقَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَلِأَن الْمُعْتَبر من الْعدة بَرَاءَة الرَّحِم وَهِي حَاصِلَة بِالْوَضْعِ بِشَرْط إِمْكَان نسبته إِلَى صَاحب الْعدة زوجا كَانَ أَو غَيره وَلَو احْتِمَالا كمنفي بِلعان لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إِمْكَان كَونه مِنْهُ وَلِهَذَا لَو اسْتَلْحقهُ لحقه
فَإِن لم يُمكن نسبته إِلَيْهِ لم تنقض بِوَضْعِهِ كَمَا إِذا مَاتَ صبي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الْإِنْزَال أَو مَمْسُوح عَن زَوْجَة حَامِل فَلَا تَعْتَد بوضح الْحمل كَمَا مر