اي جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَمام الرضَاعَة فِي الْحَوْلَيْنِ فأفهم بِأَن الحكم بعد الْحَوْلَيْنِ بِخِلَافِهِ
تَنْبِيه ابْتِدَاء الْحَوْلَيْنِ من تَمام انْفِصَال الرَّضِيع كَمَا فِي نَظَائِره
فَإِن ارتضع قبل تَمَامه لم يُؤثر وَظَاهر كَلَام المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَو تمّ الحولان فِي الرضعة الْخَامِسَة حرم وَهُوَ الْمَذْهَب كَمَا فِي التَّهْذِيب وَجرى عَلَيْهِ ابْن الْمقري
وَإِن كَانَ ظَاهر نَص الْأُم وَغَيره عدم التَّحْرِيم
لِأَن مَا يصل إِلَى الْجوف فِي كل رضعة غير مُقَدّر كَمَا قَالُوا لَو لم يحصل فِي جَوْفه إِلَّا خمس قطرات فِي كل رضعة قَطْرَة حرم
(و) الشَّرْط (الثَّانِي أَن ترْضِعه خمس رَضعَات) لما روى مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَ فِيمَا أنزل الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات يحرمن فنسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن أَي يتلي حكمهن أَو يقرؤهن من لم يبلغهُ النّسخ وَقيل تَكْفِي رضعة وَاحِدَة وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك رَضِي الله عَنْهُمَا وَالْخمس رَضعَات ضبطهن بِالْعرْفِ إِذْ لَا ضَابِط لَهَا فِي اللُّغَة وَلَا فِي الشَّرْع فَرجع فِيهَا إِلَى الْعرف كالحرز فِي السّرقَة فَمَا قضى بِكَوْنِهِ رضعة أَو رَضعَات اعْتبر وَإِلَّا فَلَا وَلَا خلاف فِي اعْتِبَار كَونهَا (متفرقات) عرفا فَلَو قطع الرَّضِيع الارتضاع بَين كل من الْخمس إعْرَاضًا عَن الثدي تعدد عملا بِالْعرْفِ وَلَو قطعت عَلَيْهِ الْمُرضعَة لشغل وأطالته ثمَّ عَاد تعدد كَمَا فِي أصل الرَّوْضَة لِأَن الرَّضَاع يعْتَبر فِيهِ فعل الْمُرضعَة والرضيع على الِانْفِرَاد بِدَلِيل مَا لَو ارتضع على امْرَأَة نَائِمَة أَو أجرعته لَبَنًا وَهُوَ نَائِم
وَإِذا ثَبت ذَلِك وَجب أَن يعْتد بقطعها كَمَا يعْتد بِقطعِهِ وَلَو قطعه للهو أَو نَحوه كنومة خَفِيفَة أَو تنفس أَو ازدراد مَا جمعه من اللَّبن فِي فَمه وَعَاد فِي الْحَال لم يَتَعَدَّد بل الْكل رضعة وَاحِدَة فَإِن طَال لهوه أَو نَومه فَإِن كَانَ الثدي فِي فَمه فرضعة وَإِلَّا فرضعتان وَلَو تحول الرَّضِيع بِنَفسِهِ أَو بتحويل الْمُرضعَة فِي الْحَال من ثدي إِلَى ثدي أَو قطعته الْمُرضعَة لشغل خَفِيف ثمَّ عَادَتْ لم يَتَعَدَّد حِينَئِذٍ فَإِن لم يتَحَوَّل فِي الْحَال تعدد الْإِرْضَاع وَلَو حلب مِنْهَا لبن دفْعَة وَوصل إِلَى جَوف الرَّضِيع أَو دماغه بإيجار أَو إسعاط أَو غير ذَلِك فِي خمس مَرَّات أَو حلب مِنْهَا خمْسا وأوجر بِهِ الرَّضِيع دفْعَة فرضعة وَاحِدَة فِي الصُّورَتَيْنِ اعْتِبَارا فِي الأولى بِحَال الِانْفِصَال من الثدي وَفِي الثَّانِيَة بِحَالهِ وُصُوله إِلَى جَوْفه دفْعَة وَاحِدَة
وَلَو شكّ فِي رَضِيع هَل رضع خمْسا أَو أقل أَو هَل رضع فِي حَوْلَيْنِ أَو بعدهمَا فَلَا تَحْرِيم لِأَن الأَصْل عدم مَا ذكر وَلَا يخفى الْوَرع وَالشّرط الثَّالِث وُصُول اللَّبن فِي الْخمس إِلَى الْمعدة فَلَو لم يصل إِلَيْهَا فَلَا تَحْرِيم وَلَو وصل إِلَيْهَا وتقايأه ثَبت التَّحْرِيم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute