الْبَوَادِي والقرى الَّذين يعتادونه لِأَنَّهُ من وَلَيْسَ من المعاشرة تكليفها الصَّبْر على الْخبز وَحده إِذْ الطَّعَام غَالِبا لَا يساغ إِلَّا بِالْأدمِ وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} اي الْخبز وَالزَّيْت وَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الْخبز وَالسمن وَيخْتَلف قدر الْأدم بالفصول الْأَرْبَعَة فَيجب لَهَا فِي كل فصل
مَا يعتاده النَّاس من الْأدم قَالَ الشَّيْخَانِ وَقد تغلب الْفَاكِهَة فِي أَوْقَاتهَا فَتجب وَيقدر الْأدم عِنْد تنَازع الزَّوْجَيْنِ فِيهَا قَاض بِاجْتِهَادِهِ إِذْ لَا تَوْقِيف فِيهِ من جِهَة الشَّرْع ويفاوت فِي قدره بَين مُوسر وَغَيره فَينْظر فِي جنس الْأدم
وَمَا يحتاح إِلَيْهِ الْمَدّ فيفرضه على الْمُعسر ويضاعفه للموسر ويوسطه فيهمَا للمتوسط
وَيجب لَهَا عَلَيْهِ لحم يَلِيق بيساره وتوسطه وإعساره كعادة الْبَلَد وَلَو كَانَت عَادَتهَا أَن تَأْكُل الْخبز وَحده وَجب لَهَا عَلَيْهِ الْأدم وَلَا نظر لعادتها لِأَنَّهُ حَقّهَا
القَوْل فِي أصل تَقْدِير النَّفَقَة (و) يجب لَهَا عَلَيْهِ من (الْكسْوَة) لفصلي الشتَاء والصيف (مَا جرت بِهِ الْعَادة) لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} وَلما روى التِّرْمِذِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حَدِيث وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن وَلَا بُد أَن تكون الْكسْوَة تكفيها للْإِجْمَاع على أَنه لَا يَكْفِي مَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم وتختلف كفايتها بِطُولِهَا وقصرها وسمنها وهزالها وباختلاف الْبِلَاد فِي الْحر وَالْبرد وَلَا يخْتَلف عدد الْكسْوَة باخْتلَاف يسَار الزَّوْج وإعساره ولكنهما يؤثران فِي الْجَوْدَة والرداءة وَلَا فرق بَين البدوية والحضرية وَيجب لَهَا عَلَيْهِ فِي كل سِتَّة أشهر قَمِيص وَسَرَاويل وخمار ومكعب
وَيزِيد الزَّوْج زَوجته على ذَلِك فِي الشتَاء جُبَّة محشوة قطنا أَو فَرْوَة بِحَسب الْعَادة لدفع الْبرد وَيجب لَهَا أَيْضا تَوَابِع ذَلِك من كوفية للرأس وتكة للباس وزر الْقَمِيص والجبة وَنَحْوهمَا وجنس الْكسْوَة من قطن لِأَنَّهُ لِبَاس أهل الدّين وَمَا زَاد عَلَيْهِ ترفه ورعونة
فَإِن جرت عَادَة الْبَلَد لمثل الزَّوْج بكتان أَو حَرِير وَجب مَعَ وجوب التَّفَاوُت فِي مَرَاتِب ذَلِك الْجِنْس بَين الْمُوسر وَغَيره عملا بِالْعَادَةِ وَيجب لَهَا عَلَيْهِ مَا تقعد عَلَيْهِ كزلية أَو لبد فِي الشتَاء أَو حَصِير فِي الصَّيف وَهَذَا لزوجة الْمُعسر
أما زَوْجَة الْمُوسر فَيجب لَهَا نطع فِي الصَّيف وطنفسة فِي الشتَاء وَهِي بِسَاط صَغِير ثخين لَهُ وبرة كَبِيرَة وَيجب لَهَا عَلَيْهِ فرَاش للنوم غير مَا تفرشه نَهَارا للْعَادَة الْغَالِبَة وَيجب لَهَا عَلَيْهِ مخدة ولحاف أَو كسَاء فِي الشتَاء فِي بلد بَارِد وَمِلْحَفَة بدل اللحاف أَو الكساء فِي الصَّيف
(وَإِن كَانَ) الزَّوْج (مُعسرا فَمد) وَاحِد (من غَالب) قوت محلهَا كَمَا مر
على مَا مر بَيَانه
(وَإِن كَانَ) الزَّوْج حرا (متوسطا) بَين الْيَسَار والإعسار (فَمد وَنصف) أَي وَنصف مد من غَالب قوت محلهَا كَمَا مر (و) يجب لَهَا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك (من الْأدم) قدرا وجنسا على مَا مر بَيَانه (و) من (الْكسْوَة الْوسط) فِي كل مِنْهُمَا على مَا مر بَيَانه وَاحْتَجُّوا لأصل التَّفَاوُت بقوله تَعَالَى {لينفق} (و) يجب لَهَا مَعَ ذَلِك (مَا يتأدم بِهِ المعسرون