(القَوْل فِي طلب ترك التَّثْلِيث) تَنْبِيه قد يطْلب ترك التَّثْلِيث كَأَن ضَاقَ الْوَقْت بِحَيْثُ لَو اشْتغل بِهِ لخرج الْوَقْت فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْهِ التَّثْلِيث أَو قل المَاء بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ إِلَّا للْفَرض فَتحرم الزِّيَادَة لِأَنَّهَا تحوجه إِلَى التَّيَمُّم مَعَ الْقُدْرَة على المَاء كَمَا ذكره الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَجرى عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي التُّحْفَة أَو احْتَاجَ إِلَى الْفَاضِل عَنهُ لعطش بِأَن كَانَ مَعَه من المَاء مَا يَكْفِيهِ للشُّرْب لَو تَوَضَّأ بِهِ مرّة مرّة وَلَو ثلث لم يفضل للشُّرْب شَيْء فَإِنَّهُ يحرم عَلَيْهِ التَّثْلِيث كَمَا قَالَه الجيلي فِي الإعجاز وَإِدْرَاك الْجَمَاعَة أفضل من تثليث الْوضُوء وَسَائِر آدابه وَلَا يجزىء تعدد قبل إتْمَام الْعُضْو نعم لَو مسح بعض رَأسه ثَلَاثًا حصل التَّثْلِيث لِأَن قَوْلهم من سنَن الْوضُوء تثليث الْمَمْسُوح شَامِل لذَلِك وَأما مَا تقدم فمحله فِي عُضْو يجب استيعابه بالتطهير وَلَا بعد تَمام الْوضُوء فَلَو تَوَضَّأ مرّة مرّة ثمَّ تَوَضَّأ ثَانِيًا وثالثا كَذَلِك لم يحصل التَّثْلِيث كَمَا جزم بِهِ ابْن الْمقري فِي روضه وَفِي فروق الْجُوَيْنِيّ مَا يَقْتَضِيهِ وَإِن أفهم كَلَام الإِمَام خِلَافه
فَإِن قيل قد مر فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق أَن التَّثْلِيث يحصل بذلك
أُجِيب بِأَن الْفَم وَالْأنف كعضو وَاحِد فَجَاز فيهمَا كاليدين بِخِلَاف الْوَجْه وَالْيَد مثلا لتباعدهما فَيَنْبَغِي أَن يفرغ من أَحدهمَا ثمَّ ينْتَقل إِلَى الآخر وَيَأْخُذ الشاك بِالْيَقِينِ فِي الْمَفْرُوض وجوبا وَفِي الْمَنْدُوب ندبا لِأَن الأَصْل عدم مَا زَاد كَمَا لَو شكّ فِي عدد الرَّكْعَات فَإِذا شكّ هَل غسل ثَلَاثًا أَو مرَّتَيْنِ أَخذ بِالْأَقَلِّ وَغسل أُخْرَى
(القَوْل فِي الْمُوَالَاة وضابطها) (و) الْعَاشِرَة (الْمُوَالَاة) بَين الْأَعْضَاء فِي التَّطْهِير بِحَيْثُ لَا يجِف الأول قبل الشُّرُوع فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَال الْهَوَاء ومزاج الشَّخْص نَفسه وَالزَّمَان وَالْمَكَان وَيقدر الْمَمْسُوح مغسولا
هَذَا فِي غير وضوء صَاحب الضَّرُورَة كَمَا تقدم وَمَا لم يضق الْوَقْت وَإِلَّا فَتجب وَالِاعْتِبَار بالغسلة الْأَخِيرَة وَلَا يحْتَاج التَّفْرِيق الْكثير إِلَى تَجْدِيد نِيَّة عِنْد عزوبها لِأَن حكمهَا بَاقٍ
(القَوْل فِي السّنَن الزَّائِدَة على الْعشْر) وَقد قدمنَا أَن المُصَنّف لم يحصر سنَن الْوضُوء فِيمَا ذكره فلنذكر مِنْهَا شَيْئا مِمَّا تَركه فَمن السّنَن ترك الِاسْتِعَانَة فِي الصب عَلَيْهِ لغير عذر لِأَنَّهُ الْأَكْثَر من فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلِأَنَّهَا نوع من التنعم والتكبر وَذَلِكَ لَا يَلِيق بالمتعبد وَالْأَجْر على قدر النصب وَهِي خلاف الأولى
أما إِذا كَانَ ذَلِك لعذر كَمَرَض أَو نَحوه فَلَا يكون خلاف الأولى دفعا للْمَشَقَّة بل قد تجب الِاسْتِعَانَة إِذا لم يُمكنهُ التَّطْهِير إِلَّا بهَا وَلَو ببذل أُجْرَة مثل وَالْمرَاد بترك الِاسْتِعَانَة الِاسْتِقْلَال بالأفعال لَا طلب الْإِعَانَة فَقَط حَتَّى لَو أَعَانَهُ غَيره وَهُوَ سَاكِت كَانَ الحكم كَذَلِك
وَمِنْهَا ترك نفض المَاء لِأَنَّهُ كالتبري من الْعِبَادَة فَهُوَ خلاف الأولى كَمَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي التَّحْقِيق وَإِن رجح فِي زِيَادَة الرَّوْضَة أَنه مُبَاح
وَمِنْهَا ترك تنشيف الْأَعْضَاء بِلَا عذر لِأَنَّهُ يزِيل أثر الْعِبَادَة وَلِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد غسله من الْجَنَابَة أَتَتْهُ مَيْمُونَة بمنديل فَرده وَجعل يَقُول بِالْمَاءِ هَكَذَا ينفضه
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَا دَلِيل فِي ذَلِك لإباحة النفض فقد يكون فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبَيَان الْجَوَاز أما إِذا كَانَ هُنَاكَ عذر كحر أَو برد أَو التصاق نَجَاسَة فَلَا كَرَاهَة قطعا أَو كَانَ يتَيَمَّم عقب الْوضُوء لِئَلَّا يمْنَع البلل فِي وَجهه وَيَديه التَّيَمُّم وَإِذا نشف فَالْأولى أَن لَا يكون بذيله وطرف ثَوْبه وَنَحْوهمَا
قَالَ فِي الذَّخَائِر فقد قيل إِن ذَلِك يُورث الْفقر
وَمِنْهَا أَن يضع المتوضىء إِنَاء المَاء عَن يَمِينه إِن كَانَ يغترف مِنْهُ وَعَن يسَاره إِن كَانَ يصب مِنْهُ على يَدَيْهِ كإبريق لِأَن ذَلِك أمكن فيهمَا
قَالَه فِي الْمَجْمُوع
وَمِنْهَا تَقْدِيم النِّيَّة مَعَ أول السّنَن الْمُتَقَدّمَة على الْوَجْه ليحصل لَهُ ثَوَابهَا كَمَا مر