فِي الْأُم وَلَو ادّعى الْمَجْنِي عَلَيْهِ زَوَاله من أُذُنَيْهِ وَكذبه الْجَانِي وانزعج بالصياح فِي نوم أَو غَفلَة فكاذب لِأَن ذَلِك يدل على التصنع
وَإِن لم ينزعج بالصياح وَنَحْوه فصادق فِي دَعْوَاهُ وَحلف حِينَئِذٍ لاحْتِمَال تجلده وَأخذ الدِّيَة وَإِن نقص سَمعه فقسطه من الدِّيَة إِن عرف وَإِلَّا فَحُكُومَة بِاجْتِهَاد قَاض
(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (ذهَاب الشم) من المنخرين كَمَا جَاءَ فِي خبر عَمْرو بن حزم وَهُوَ غَرِيب وَلِأَنَّهُ من الْحَواس النافعة فكملت فِيهِ الدِّيَة كالسمع وَفِي إِزَالَة شم كل منخر نصف الدِّيَة وَلَو نفض الشم وَجب بِقسْطِهِ من الدِّيَة إِن أمكن مَعْرفَته وَإِلَّا فَحُكُومَة
تَنْبِيه لَو أنكر الْجَانِي زَوَاله امتحن الْمَجْنِي عَلَيْهِ فِي غفلاته بالروائح الحادة فَإِن هش للطيب وَعَبس لغيره حلف الْجَانِي لظُهُور كذب الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَإِلَّا حلف هُوَ لظُهُور صدقه مَعَ أَنه لَا يعرف إِلَّا مِنْهُ
(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (ذهَاب الْعقل) إِن لم يرج عوده بقول أهل الْخِبْرَة فِي مُدَّة يظنّ أَنه يعِيش إِلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي خبر عَمْرو بن حزم وَقَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع كل من يحفظ عَنهُ الْعلم على ذَلِك لِأَنَّهُ أشرف الْمعَانِي وَبِه يتَمَيَّز الْإِنْسَان عَن الْبَهِيمَة
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره وَالْمرَاد الْعقل الغريزي الَّذِي بِهِ التَّكْلِيف دون المكتسب الَّذِي بِهِ حسن التَّصَرُّف فَفِيهِ حُكُومَة فَإِن رجى عوده فِي الْمدَّة الْمَذْكُورَة انْتظر فَإِن عَاد فَلَا ضَمَان
تَنْبِيه اقْتِصَار المُصَنّف على الدِّيَة يَقْتَضِي عدم وجوب الْقصاص فِيهِ وَهُوَ الْمَذْهَب للِاخْتِلَاف فِي مَحَله
فَقيل الْقلب وَقيل الدِّمَاغ وَقيل مُشْتَرك بَينهمَا
وَالْأَكْثَرُونَ على الأول
وَقيل مَسْكَنه الدِّمَاغ وتدبيره فِي الْقلب وَسمي عقلا لِأَنَّهُ يعقل صَاحبه عَن التورط فِي المهالك
وَلَا يُزَاد شَيْء على دِيَة الْعقل إِن زَالَ بِمَا لَا أرش لَهُ
فَإِن زَالَ بِجرح لَهُ أرش مُقَدّر كالموضحة أَو حُكُومَة وَجَبت الدِّيَة وَالْأَرْش أَو هِيَ والحكومة
وَلَا ينْدَرج ذَلِك فِي دِيَة الْعقل لِأَنَّهَا جِنَايَة أبطلت مَنْفَعَة غير حَالَة فِي مَحل الْجِنَايَة فَكَانَت كَمَا انْفَرَدت الْجِنَايَة عَن زَوَال الْعقل وَلَو ادّعى ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ زَوَال الْعقل وَأنكر الْجَانِي فَإِن لم يَنْتَظِم قَول الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَفعله فِي خلواته فَلهُ دِيَة بِلَا يَمِين لِأَن يَمِينه تثبت جُنُونه
وَالْمَجْنُون لَا يحلف وَهَذَا فِي الْجُنُون المطبق
أما المتقطع فَإِنَّهُ يحلف فِي زمن إِفَاقَته
فَإِن انتظم قَوْله وَفعله حلف الْجَانِي لاحْتِمَال صُدُور المنتظم اتِّفَاقًا أَو جَريا على الْعَادة وَخرج بالغريزي الْعقل المكتسب الَّذِي بِهِ حسن التَّصَرُّف فَتجب فِيهِ الْحُكُومَة فَقَط كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (الذّكر) السَّلِيم لخَبر عَمْرو بن حزم
بذلك وَلَو كَانَ لصغير وَشَيخ وعنين وَخصي لإِطْلَاق الْخَبَر الْمَذْكُور وَلِأَن ذكر الْخصي سليم وَهُوَ قَادر على الْإِيلَاج وَإِنَّمَا الْفَائِت الإيلاد
والعنة عيب فِي غير الذّكر لِأَن الشَّهْوَة فِي الْقلب والمني فِي الصلب وَلَيْسَ الذّكر بِمحل لوَاحِد مِنْهُمَا
فَكَانَ سليما من الْعَيْب بِخِلَاف الأشل وَحكم الْحَشَفَة حكم الذّكر لِأَن مَا عَداهَا من الذّكر كالتابع لَهَا كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِع لِأَن أَحْكَام الْوَطْء تَدور عَلَيْهَا وَبَعضهَا بِقسْطِهِ مِنْهَا لِأَن الدِّيَة تكمل بقطعها كَمَا مر فقسطت على أبعاضها
(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (الْأُنْثَيَيْنِ) لحَدِيث عَمْرو بن حزم بذلك وَلِأَنَّهُمَا من تَمام الْخلقَة وَمحل التناسل وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا سَوَاء الْيُمْنَى واليسرى وَلَو من عنين ومجبوب وطفل وَغَيرهم
تَنْبِيه المُرَاد بالأنثيين البيضتان
كَمَا صرح بهما فِي بعض طرق حَدِيث عَمْرو بن حزم
وَأما الخصيتان فالجلدتان اللَّتَان فيهمَا البيضتان
(و) يجب فِي (الْمُوَضّحَة) أَي مُوضحَة الرَّأْس وَلَو للعظم الناتىء خلف الْأذن أَو الْوَجْه وَإِن صغرت وَلَو لما تَحت الْمقبل من الجبين نصف عشر دِيَة صَاحبهَا فَفِيهَا لحر مُسلم غير جَنِين (خمس من الْإِبِل) لما روى التِّرْمِذِيّ وَحسنه فِي الْمُوَضّحَة