للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخمسين حد الرَّقِيق وَسمي جلدا لوصوله إِلَى الْجلد

(وتغريب عَام) لرِوَايَة مُسلم بذلك

تَنْبِيه أفهم عطفه التَّغْرِيب بِالْوَاو أَنه لَا يشْتَرط التَّرْتِيب بَينهمَا فَلَو قدم التَّغْرِيب على الْجلد جَازَ كَمَا صرح بِهِ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا

وَأفهم لفظ التَّغْرِيب أَنه لَا بُد من تغريب الإِمَام أَو نَائِبه حَتَّى لَو أَرَادَ الإِمَام تغريبه فَخرج بِنَفسِهِ وَغَابَ سنة ثمَّ عَاد لم يكف وَهُوَ الصَّحِيح

لِأَن الْمَقْصُود التنكيل وَلم يحصل وَابْتِدَاء الْعَام من حُصُوله فِي بلد التَّغْرِيب فِي أحد وَجْهَيْن أجَاب بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب

وَالْوَجْه الثَّانِي من خُرُوجه من بلد الزِّنَا وَلَو ادّعى الْمَحْدُود انْقِضَاء الْعَام وَلَا بَيِّنَة صدق لِأَنَّهُ من حُقُوق الله تَعَالَى وَيحلف ندبا

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَيَنْبَغِي للْإِمَام أَن يثبت فِي ديوانه أول زمَان التَّغْرِيب ويغرب من بلد الزِّنَا (إِلَى مَسَافَة الْقصر) لِأَن مَا دونهَا فِي حكم الْحَضَر لتواصل الْأَخْبَار فِيهَا إِلَيْهِ وَلِأَن الْمَقْصُود إيحاشه بالبعد عَن الْأَهْل والوطن (فَمَا فَوْقهَا)

إِن رَآهُ الإِمَام لِأَن عمر غرب إِلَى الشَّام وَعُثْمَان إِلَى مصر وعليا إِلَى الْبَصْرَة وَليكن تغريبه إِلَى بلد معِين فَلَا يُرْسِلهُ الإِمَام إرْسَالًا

وَإِذا عين لَهُ الإِمَام جِهَة فَلَيْسَ للمغرب أَن يخْتَار غَيرهَا لِأَن ذَلِك أليق بالزجر

ومعاملة لَهُ بنقيض قَصده

تَنْبِيه لَو غرب إِلَى بلد معِين فَهَل يمْنَع من الِانْتِقَال إِلَى بلد آخر وَجْهَان أصَحهمَا كَمَا فِي أصل الرَّوْضَة لَا يمْنَع لِأَنَّهُ امتثل وَالْمَنْع من الِانْتِقَال لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل

وَيجوز أَن يحمل مَعَه جَارِيَة يتسرى بهَا مَعَ نَفَقَة يحتاجها وَكَذَا مَال يتجر فِيهِ

كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَلَيْسَ لَهُ أَن يحمل مَعَه أَهله وعشيرته فَإِن خَرجُوا مَعَه لم يمنعوا وَلَا يعقل فِي الْموضع الَّذِي غرب إِلَيْهِ لَكِن يحفظ بالمراقبة وَالتَّوْكِيل بِهِ لِئَلَّا يرجع إِلَى بَلَده أَو إِلَى مَا دون مَسَافَة الْقصر مِنْهَا لَا لِئَلَّا ينْتَقل إِلَى بلد آخر لما مر من أَنه لَو انْتقل إِلَى بلد آخر لم يمْنَع وَلَو عَاد إِلَى بَلَده الَّذِي غرب مِنْهَا أَو إِلَى مَا دون مَسَافَة الْقصر مِنْهُ رد واستؤنفت الْمدَّة على الْأَصَح إِذْ لَا يجوز تَفْرِيق سنة التَّغْرِيب فِي الْحر وَلَا نصفهَا فِي غَيره لِأَن الإيحاش لَا يحصل مَعَه

وَقَضِيَّة هَذَا أَنه لَا يتَعَيَّن للتغريب الْبَلَد الَّذِي غرب إِلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِك ويغرب زَان غَرِيب لَهُ بلد من بلد الزِّنَا تنكيلا وإبعادا عَن مَوضِع الْفَاحِشَة إِلَى غير بَلَده لِأَن الْقَصْد إيحاشه وعقوبته وَعوده إِلَى وَطنه يأباه

وَيشْتَرط أَن يكون بَينه وَبَين بَلَده مَسَافَة الْقصر فَمَا فَوْقهَا ليحصل مَا ذكر فَإِن عَاد إِلَى بَلَده الْأَصْلِيّ منع مِنْهُ مُعَارضَة لَهُ بنقيض قَصده

القَوْل فِي شُرُوط الْإِحْصَان ثمَّ شرع فِي شُرُوط الْإِحْصَان فِي الزِّنَا فَقَالَ (وشرائط الْإِحْصَان أَرْبَعَة) الأول (الْبلُوغ و) الثَّانِي (الْعقل) فَلَا حصانة لصبي وَمَجْنُون لعدم الْحَد عَلَيْهِمَا لَكِن يؤدبان بِمَا يزجرهما كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة

تَنْبِيه مَا ذكره من اعْتِبَار التَّكْلِيف وَلَو عبر بِهِ لَكَانَ أخصر فِي الْإِحْصَان صَحِيح

إِلَّا أَن هَذَا الْوَصْف لَا يخْتَص بالإحصان

<<  <  ج: ص:  >  >>