للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمن شرب) أَي من الْمُكَلّفين الْمُلْتَزم للْأَحْكَام مُخْتَارًا لغير ضَرُورَة عَالما بِالتَّحْرِيمِ

(خمرًا) وَهِي المتخذة من عصير الْعِنَب كَمَا مر

(أَو) شرب (شرابًا مُسكرا) غير الْخمر كالأنبذة المتخذة من تمر أَو رطب أَو زبيب أَو شعير أَو ذرة أَو نَحْو ذَلِك

(يحد) الْحر (أَرْبَعِينَ) جلدَة لما فِي مُسلم عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْرب فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال أَرْبَعِينَ وَيحد الرَّقِيق وَلَو مبعضا عشْرين لِأَنَّهُ حد يَتَبَعَّض فتنصف على الرَّقِيق كَحَد الزِّنَا

تَنْبِيه لَو تعدد الشّرْب كفي مَا ذكر

وَحَدِيث الْأَمر بقتل الشَّارِب فِي الرَّابِعَة مَنْسُوخ بِالْإِجْمَاع

القَوْل فِي ضَابِط معنى الْخمر تَنْبِيه كل شراب أسكر كَثِيره حرم هُوَ وقليله وحد شَاربه

لما فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل شراب أسكرع فَهُوَ حرَام وروى مُسلم خبر كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَإِنَّمَا حرم الْقَلِيل وحد شَاربه إِن كَانَ لَا يسكر حسما لمادة الْفساد

كَمَا حرم تَقْبِيل الْأَجْنَبِيَّة وَالْخلْوَة بهَا لافضائه إِلَى الْوَطْء الْمحرم

وَلِحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم من شرب الْخمر فاجلدوه وَقيس بِهِ شرب النَّبِيذ وَخرج بالشرب الحقنة بِهِ بِأَن أدخلهُ دبره

والسعوط بِأَن أدخلهُ أَنفه

فَلَا حد بذلك لِأَن الْحَد للزجر وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ هُنَا وبالشراب الْمَفْهُوم من شرب النَّبَات قَالَ الدَّمِيرِيّ كالحشيشة الَّتِي يأكلها الحرافيش

وَنقل الشَّيْخَانِ فِي بَاب الْأَطْعِمَة عَن الرَّوْيَانِيّ أَن أكلهَا حرَام وَلَا حد فِيهَا وبالمكلف الصَّبِي وَالْمَجْنُون لرفع المقلم عَنْهُمَا وبالملتزم الْحَرْبِيّ لعدم الْتِزَامه وَالذِّمِّيّ لِأَنَّهُ لَا يلْتَزم بِالذِّمةِ مَا لَا يَعْتَقِدهُ وبالمختار المصبوب فِي حلقه قهرا وَالْمكْره على شربه لحَدِيث رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَبِغير ضَرُورَة مَا لَو غص أَي شَرق بلقمة وَلم يجد غير الْخمر فأساغها بهَا فَلَا حد عَلَيْهِ لوُجُوب شربهَا إنقاذا للنَّفس من الْهَلَاك والسلامة بذلك قَطْعِيَّة بِخِلَاف الدَّوَاء وَهُوَ رخصَة وَاجِبَة

فَلَو وجد غَيرهَا وَلَو بولا حرم إساغتها بِالْخمرِ

وَوَجَب حَده وبعالم بِالتَّحْرِيمِ من جهل كَونهَا خمرًا فَشربهَا ظَانّا كَونهَا شرابًا لَا يسكر لم يحد للْعُذْر وَلَا يلْزمه قَضَاء الصَّلَوَات الْفَائِتَة مُدَّة السكر كالمغمى عَلَيْهِ وَلَو قَالَ السَّكْرَان بعد الإصحاء كنت مكْرها أَو لم أعلم أَن الَّذِي شربته مُسكرا صدق بِيَمِينِهِ قَالَه فِي الْبَحْر فِي كتاب الطَّلَاق وَلَو قرب إِسْلَامه فَقَالَ جهلت تَحْرِيمهَا لم يحد لِأَنَّهُ قد يخفى عَلَيْهِ ذَلِك

وَالْحَد يدْرَأ بِالشُّبُهَاتِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين

<<  <  ج: ص:  >  >>