كَمَا لَو زنى أَو شرب مرَارًا يَكْتَفِي بِحَدّ وَاحِد
وكاليد الْيُمْنَى فِي ذَلِك غَيرهَا كَمَا هُوَ ظَاهر وانعقد الْإِجْمَاع على قطعهَا
(من مفصل الْكُوع) بِضَم الْكَاف وَهُوَ الْعظم الَّذِي فِي مفصل الْكَفّ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَام وَمَا يَلِي الْخِنْصر اسْمه الكرسوع
والبوع هُوَ الْعظم الَّذِي عِنْد أصل إِبْهَام الرجل وَمِنْه قَوْلهم الغبي من لَا يعرف كوعه من بوعه
أَي مَا يدْرِي لغباوته مَا اسْم الْعظم الَّذِي عِنْد كل إِبْهَام من أصْبع يَدَيْهِ من الْعظم الَّذِي عِنْد كل إِبْهَام من رجلَيْهِ
(فَإِن سرق ثَانِيًا) بعد قطع يمناه (قطعت رجله الْيُسْرَى) بعد اندمال يَده الْيُمْنَى لِئَلَّا يُفْضِي التوالي إِلَى الْهَلَاك وتقطع من الْمفصل الَّذِي بَين السَّاق والقدم لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِك
(فَإِن سرق ثَالِثا) بعد قطع رجله الْيُسْرَى
(قطعت يَده الْيُسْرَى) بعد اندمال رجله الْيُسْرَى لما مر
(فَإِن سرق رَابِعا) بعد قطع يَده الْيُسْرَى
(قطعت رجله الْيُمْنَى) بعد اندمال يَده الْيُسْرَى لما مر وَإِنَّمَا قطع من خلاف لما روى الشَّافِعِي أَن السَّارِق إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله
وحكمته لِئَلَّا يفوت جنس الْمَنْفَعَة عَلَيْهِ فتضعف حركته كَمَا فِي قطع الطَّرِيق
لَو سرق بعد قطع أَعْضَائِهِ (فَإِن سرق بعد ذَلِك) أَي بعد قطع أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَة
(عزّر) على الْمَشْهُور لِأَنَّهُ لم يبْق فِي نكاله بعد مَا ذكر إِلَّا التَّعْزِير كَمَا لَو سَقَطت أَطْرَافه أَولا
(وَقيل) لَا يزجره حِينَئِذٍ تَعْزِير بل (يقتل) وَهَذَا مَا حَكَاهُ الإِمَام عَن الْقَدِيم لوروده فِي حَدِيث رَوَاهُ الْأَرْبَعَة
قَالَ فِي الرَّوْضَة إِنَّه مَنْسُوخ أَو مؤول على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتله لاستحلاله أَو لسَبَب آخر اه
وَالْإِمَام أطلق حِكَايَة هَذَا القَوْل عَن الْقَدِيم كَمَا ترَاهُ وَقَيده المُصَنّف بِكَوْنِهِ (صبرا) قَالَ بعض شارحيه وَلم أره بعد التتبع فِي كَلَام وَاحِد من الْأَئِمَّة الحاكين لَهُ بل أطلقهُ من وقفت على كَلَامه مِنْهُم
فَلَعَلَّ مَا قيد بِهِ المُصَنّف من تصرفه أَو لَهُ فِيهِ سلف لم أظفر بِهِ وعَلى كلا الْأَمريْنِ هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر اه
قَالَ النَّوَوِيّ فِي تهذيبه الصَّبْر فِي اللُّغَة الْحَبْس وَقَتله صبرا حَبسه للْقَتْل
اه وَيُوَافِقهُ قَول الْجَوْهَرِي فِي صحاحه يُقَال قتل فلَان صبرا إِذا حبس على الْقَتْل حَتَّى يقتل اه
مُلَخصا
القَوْل فِي حكم الْيَمين الْمَرْدُودَة تَتِمَّة هَل يثبت الْقطع فِي السّرقَة بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَة أَو لَا كَأَن يَدعِي على شخص سَرقَة نِصَاب فينكل عَن الْيَمين فَترد على الْمُدَّعِي فَيحلف جرى فِي الْمِنْهَاج على أَنه يثبت بهَا فَيجب الْقطع
لِأَن الْيَمين الْمَرْدُودَة كَالْإِقْرَارِ أَو الْبَيِّنَة وَالْقطع يجب بِكُل مِنْهُمَا وَالَّذِي جزم فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا فِي الْبَاب الثَّالِث فِي الْيَمين من الدَّعَاوَى وَمَشى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِير هُنَا أَنه لَا يقطع بهَا وَهُوَ الْمُعْتَمد لِأَن الْقطع فِي السّرقَة حق الله تَعَالَى بل قَالَ الْأَذْرَعِيّ إِنَّه الْمَذْهَب وَالصَّوَاب الَّذِي قطع بِهِ جُمْهُور الْأَصْحَاب وَهَذَا الْخلاف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقطع
وَأما المَال فَيثبت قطعا
القَوْل فِيمَا يثبت بِهِ السّرقَة وَيثبت قطع السّرقَة بِإِقْرَار السَّارِق مُؤَاخذَة لَهُ بقوله وَلَا يشْتَرط تكْرَار الْإِقْرَار
كَمَا فِي سَائِر الْحُقُوق وَذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ الأول أَن يكون بعد الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَو أقرّ قبلهَا لم يثبت الْقطع فِي الْحَال بل يُوقف على حُضُور الْمَالِك وَطَلَبه
وَالثَّانِي أَن يفصل الْإِقْرَار فيبين السّرقَة والمسروق مِنْهُ
وَقدر الْمَسْرُوق والحرز بِتَعْيِين أَو وصف بِخِلَاف مَا إِذا لم يبين ذَلِك لِأَنَّهُ قد يظنّ غير السّرقَة الْمُوجبَة للْقطع سَرقَة مُوجبَة لَهُ
وَيقبل رُجُوعه عَن الْإِقْرَار بِالسَّرقَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقطع وَلَو فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى
وَمن أقرّ بِمُقْتَضى عُقُوبَة الله تَعَالَى كَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر كَانَ