حالان الْحَال الأول أَن يَكُونُوا ببلادهم فَفرض كِفَايَة إِذا فعله من فيهم فخوطب بِهِ الْمُؤْمِنُونَ فَلَا يجب على الْكَافِر وَلَو ذِمِّيا لِأَنَّهُ يبْذل الْجِزْيَة لنذب عَنهُ لَا ليذب عَنَّا
(و) الثَّانِيَة (الْبلُوغ و) الثَّالِثَة (الْعقل) فَلَا جِهَاد على صبي وَمَجْنُون لعدم تكليفهما
وَلقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ على الضُّعَفَاء} الْآيَة قيل هم الصّبيان لضعف أبدانهم وَقيل المجانين لضعف عُقُولهمْ وَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد ابْن عمر يَوْم أحد وَأَجَازَهُ فِي الخَنْدَق
(و) الرَّابِعَة (الْحُرِّيَّة) فَلَا جِهَاد على رَقِيق وَلَو مبعضا أَو مكَاتبا لقَوْله تَعَالَى {وتجاهدون فِي سَبِيل الله بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ} وَلَا مَال للْعَبد وَلَا نفس يملكهَا فَلم يَشْمَلهُ الْخطاب حَتَّى لَو أمره سَيّده لم يلْزمه كَمَا قَالَه الإِمَام لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل هَذَا الشَّأْن وَلَيْسَ الْقِتَال من الِاسْتِخْدَام الْمُسْتَحق للسَّيِّد لِأَن الْملك لَا يَقْتَضِي التَّعَرُّض للهلاك
(و) الْخَامِسَة (الذُّكُورَة) فَلَا جِهَاد على امْرَأَة لِضعْفِهَا
وَلقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي حرض الْمُؤمنِينَ على الْقِتَال} وَإِطْلَاق لفظ الْمُؤمنِينَ ينْصَرف للرِّجَال دون النِّسَاء وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة وَقد سَأَلته فِي الْجِهَاد لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور
(و) السَّادِسَة (الصِّحَّة) فَلَا جِهَاد على مَرِيض يتَعَذَّر قِتَاله أَو تعظم مشقته
(و) السَّابِعَة (الطَّاقَة على الْقِتَال) بِالْبدنِ وَالْمَال فَلَا جِهَاد على أعمى وَلَا على ذِي عرج بَين وَلَو فِي رجل وَاحِدَة لقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج} النُّور ٦١ فَلَا عِبْرَة بصداع ووجع ضرس وَضعف بصر إِن كَانَ يدْرك الشَّخْص ويمكنه اتقاء السِّلَاح
وَلَا عرج يسير لَا يمْنَع الْمَشْي والعدو والهرب وَلَا على أقطع يَد بكاملها أَو مُعظم أصابعها بِخِلَاف فَاقِد الْأَقَل أَو أَصَابِع الرجلَيْن إِن أمكنه الْمَشْي بِغَيْر عرج بَين وَلَا على أشل يَد أَو مُعظم أصابعها لِأَن مَقْصُود الْجِهَاد الْبَطْش
والنكاية وَهُوَ مَفْقُود فيهمَا لِأَن كلا مِنْهُمَا لَا يتَمَكَّن من الضَّرْب وَلَا عادم أهبة قتال من نَفَقَة وَلَا سلَاح
وَكَذَا مركوب إِن كَانَ سفر قصر فَإِن كَانَ دونه لزمَه إِن كَانَ قَادِرًا على الْمَشْي
فَاضل ذَلِك عَن مُؤنَة من تلْزمهُ مُؤْنَته كَمَا فِي الْحَج وَلَو مرض بعد مَا خرج أَو فنى زَاده أَو هَلَكت دَابَّته فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن ينْصَرف أَو يمْضِي فَإِن حضر الْوَقْعَة جَازَ لَهُ الرُّجُوع على الصَّحِيح إِذا لم يُمكنهُ الْقِتَال فَإِن أمكنه الرَّمْي بِالْحِجَارَةِ فَالْأَصَحّ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة الرَّمْي بهَا على تنَاقض وَقع لَهُ فِيهِ
وَلَو كَانَ الْقِتَال على بَاب دَاره أَو حوله سقط اعْتِبَار الْمُؤَن كَمَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب وَغَيره
وَالضَّابِط الَّذِي يعم مَا سبق وَغَيره كل عذر منع وجوب حج كفقد زَاد وراحلة منع وجوب الْجِهَاد إِلَّا فِي خوف طَرِيق من كفار أَو من لصوص مُسلمين فَلَا يمْنَع وُجُوبه لِأَن الْخَوْف يحْتَمل فِي هَذَا السّفر لبِنَاء الْجِهَاد على مصادمة المخاوف وَالدّين الْحَال على مُوسر يحرم على رجل سفر جِهَاد وسفر غَيره إِلَّا بِإِذن