رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
وَلِأَن الإِمَام متصرف للْمُسلمين فَيَنْبَغِي أَن يحْتَاط لَهُم فَإِن أمكنه أَن يعْقد بِأَكْثَرَ مِنْهُ لم يجز أَن يعْقد بِدُونِهِ إِلَّا لمصْلحَة
تَنْبِيه هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ابْتِدَاء العقد فَأَما إِذا انْعَقَد العقد على شَيْء فَلَا يجوز أَخذ شَيْء زَائِد عَلَيْهِ
كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي سير الْوَاقِدِيّ وَنَقله الزَّرْكَشِيّ عَن نَص الْأُم وَلَو عقدت الْجِزْيَة للْكفَّار بِأَكْثَرَ من دِينَار ثمَّ علمُوا بعد العقد جَوَاز دِينَار لَزِمَهُم مَا التزموه كمن اشْترى شَيْئا بِأَكْثَرَ من ثمن مثله
ثمَّ علم الْغبن فَإِن أَبَوا بذل الزِّيَادَة بعد العقد كَانُوا ناقضين للْعهد
كَمَا لَو امْتَنعُوا من أَدَاء أصل الْجِزْيَة
وَلَو أسلم ذمِّي أَو نبذ الْعَهْد أَو مَاتَ بعد سِنِين وَله وَارِث مُسْتَغْرق أخذت جزيتهن مِنْهُ فِي الأولتين وَمِنْه تركته فِي الثَّالِثَة مُقَدّمَة على حق الْوَرَثَة كالخراج وَسَائِر الدُّيُون
أما إِذا لم يخلف وَارِثا فتركته فَيْء أَو أسلم أَو نبذ الْعَهْد أَو مَاتَ فِي خلال سنة
فقسط لما مضى كالأجرة
(وَيجوز) كَمَا هُوَ قَضِيَّة كَلَام الْجُمْهُور وَالرَّاجِح كَمَا فِي الْمِنْهَاج أَنه يسْتَحبّ للْإِمَام (أَن يشْتَرط) بِنَفسِهِ أَو بنائبه (عَلَيْهِم) أَي على غير فَقير من غَنِي أَو متوسط فِي العقد برضاهم (الضِّيَافَة) أَي ضِيَافَة من يمر بهم منا بِخِلَاف الْفَقِير فَإِنَّهَا تَتَكَرَّر فَلَا تتيسر لَهُ (فضلا) أَي فَاضلا (عَن مِقْدَار الْجِزْيَة) لِأَنَّهَا مَبْنِيَّة على الْإِبَاحَة والجزية على التَّمْلِيك وَيجْعَل ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام فَأَقل
وَيذكر عدد ضيفان رجلا وخيلا لِأَنَّهُ أنفى للغرر وأقطع للنزاع بِأَن يشْتَرط ذَلِك على كل مِنْهُم أَو على الْمَجْمُوع كَأَن يَقُول وتضيفون فِي كل سنة ألف مُسلم وهم يتوزعون فِيمَا بَينهم أَو يتَحَمَّل بَعضهم عَن بعض وَيذكر منزلهم ككنيسة أَو فَاضل مسكن وجنس طَعَام وأدم وقدرهم لكل منا وَيذكر الْعلف للدواب وَلَا يشْتَرط ذكر جنسه وَلَا قدره وَيحمل على تبن وَنَحْوه
بِحَسب الْعَادة إِلَّا الشّعير وَنَحْوه كالفول إِن ذكره فيقدره وَلَو كَانَ لوَاحِد دَوَاب وَلم يعين عددا مِنْهَا لم يعلف لَهُ إِلَّا وَاحِدَة على النَّص
وَالْأَصْل فِي ذَلِك مَا روى الْبَيْهَقِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَالح أهل أَيْلَة على ثَلَاثمِائَة دِينَار وَكَانُوا ثَلَاثمِائَة رجل وعَلى ضِيَافَة من يمر بهم من الْمُسلمين وروى الشَّيْخَانِ خبر الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام وَليكن الْمنزل بِحَيْثُ يدْفع الْحر وَالْبرد
والركن الرَّابِع الْعَاقِد وَشرط فِيهِ كَونه إِمَامًا فيعقد بِنَفسِهِ أَو بنائبه
فَلَا يَصح عقدهَا من غَيره لِأَنَّهَا من الْأُمُور الْكُلية فتحتاج إِلَى نظر واجتهاد
لَكِن لَا يغتال الْمَعْقُود لَهُ بل يبلغ مأمنه وَعَلِيهِ إجابتهم إِذا طلبُوا وَأمن إِذا لم يخف غائلتهم ومكيدتهم