= كتاب السَّبق وَالرَّمْي = السَّبق بِالسُّكُونِ مصدر سبق أَي تقدم وبالتحريك المَال الْمَوْضُوع بَين أهل السباق وَالرَّمْي يَشْمَل الرَّمْي بِالسِّهَامِ والمزاريق وَغَيرهمَا
وَهَذَا الْبَاب من مبتكرات إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا
كَمَا قَالَه الْمُزنِيّ وَغَيره والمسابقة الشاملة للمناضلة سنة للرِّجَال الْمُسلمين بِقصد الْجِهَاد بِالْإِجْمَاع وَلقَوْله تَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} وَفسّر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُوَّة بِالرَّمْي وَلخَبَر أنس كَانَت العضباء نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبق فجَاء أَعْرَابِي على قعُود لَهُ فسبقها فشق ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن حَقًا على الله تَعَالَى أَن لَا يرفع شَيْئا من هَذِه الدُّنْيَا إِلَّا وَضعه وَيكرهُ لمن علم الرَّمْي تَركه كَرَاهَة شَدِيدَة فَإِن قصد بذلك غير الْجِهَاد كَانَ مُبَاحا لِأَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِن قصد بِهِ محرما كَقطع الطَّرِيق كَانَ حَرَامًا أما النِّسَاء فَصرحَ الصَّيْمَرِيّ بِمَنْع ذَلِك لَهُنَّ وَأقرهُ الشَّيْخَانِ
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَمرَاده أَنه لَا يجوز بعوض لَا مُطلقًا فقد روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سابقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَتَصِح الْمُسَابقَة) بعوض وَغَيره (على الدَّوَابّ) الْخَيل وَالْإِبِل وَالْبِغَال وَالْحمير والفيلة فَقَط لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو حافر فَلَا تجوز على الْكلاب ومهارشة الديكة ومناطحة الكباش لَا بعوض وَلَا بِغَيْرِهِ لِأَن فعل ذَلِك سفه وَمن فعل قوم لوط الَّذين أهلكهم الله بِذُنُوبِهِمْ وَلَا على طير وصراع بعوض لِأَنَّهُمَا ليسَا من آلَات الْقِتَال
فَإِن قيل قد صارع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركَانَة على شِيَاه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
أُجِيب بِأَن الْغَرَض من مصارعته لَهُ أَن يرِيه شدته ليسلم بِدَلِيل أَنه لما صارعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم رد عَلَيْهِ غنمه
فَإِن كَانَ ذَلِك بِغَيْر عوض جَازَ
وَكَذَا كل مَا لَا ينفع فِي الْحَرْب كالشباك والمسابقة على الْبَقر فَيجوز بِلَا عوض وَأما الغطس فِي المَاء فقد جرت الْعَادة بالاستعانة بِهِ فِي الْحَرْب