للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ شرع المُصَنّف فِيمَا تَنْعَقِد الْيَمين بِهِ فَقَالَ (وَلَا تَنْعَقِد الْيَمين إِلَّا بِذَات الله تَعَالَى)

أَي بِمَا يفهم مِنْهُم ذَات الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المُرَاد بهَا الْحَقِيقَة من غير احْتِمَال غَيره

(أَو باسم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى) المختصة بِهِ وَلَو مشتقا أَو من غير أَسْمَائِهِ الْحسنى

سَوَاء كَانَ اسْما مُفردا كَقَوْلِه وَالله أَو مُضَافا كَقَوْلِه وَرب الْعَالمين وَمَالك يَوْم الدّين أَو لم يكن كَقَوْلِه وَالَّذِي أعبده أَو أَسجد لَهُ أَو نَفسِي بِيَدِهِ أَي بقدرته يصرفهَا كَيفَ يَشَاء أَو الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ غير الْيَمين فَلَيْسَ بِيَمِين

فَيقبل مِنْهُ ذَلِك كَمَا فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا وَلَا يقبل مِنْهُ ذَلِك فِي الطَّلَاق والعناق وَالْإِيلَاء ظَاهرا لتَعلق حق غَيره بِهِ أما إِذا أَرَادَ بذلك غير الله تَعَالَى فَلَا يقبل مِنْهُ إِرَادَته لَا ظَاهرا وَلَا بَاطِنا لِأَن الْيَمين بذلك لَا تحْتَمل غَيره تَعَالَى فَقَوْل الْمِنْهَاج وَلَا يقبل قَوْله لم أرد بِهِ الْيَمين

مؤول بذلك أَو باسم من أَسْمَائِهِ الْغَالِب إِطْلَاقه عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعَلى غَيره

كَقَوْلِه والرحيم والخالق والرازق والرب انْعَقَدت يَمِينه مَا لم يرد بهَا غَيره تَعَالَى

بِأَن أَرَادَهُ تَعَالَى أَو أطلق بِخِلَاف مَا إِذا أَرَادَ بهَا غَيره لِأَنَّهَا تسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى مُقَيّدا كرحيم الْقلب وخالق الْإِفْك ورازق الْجَيْش وَرب الْإِبِل

وَأما الَّذِي يُطلق عَلَيْهِ تَعَالَى وعَلى غَيره سَوَاء كالموجود والعالم والحي فَإِن أَرَادَهُ تَعَالَى بِهِ انْعَقَدت يَمِينه بِخِلَاف مَا إِذا أَرَادَ بهَا غَيره أَو أطلق لِأَنَّهَا لما أطلقت عَلَيْهِمَا سَوَاء أشبهت الْكِنَايَات (أَو صفة من صِفَات ذَاته) كوعظمته وعزته وكبريائه وَكَلَامه ومشيئته وَعلمه وَقدرته وَحقه

إِلَّا أَن يُرِيد بِالْحَقِّ الْعِبَادَات وباللذين قبله الْمَعْلُوم والمقدور وبالبقية ظُهُور آثارها فَلَيْسَتْ يَمِينا لاحْتِمَال اللَّفْظ وَقَوله وَكتاب الله يَمِين وَكَذَا وَالْقُرْآن والمصحف إِلَّا أَن يُرِيد بِالْقُرْآنِ الْخطْبَة وَالصَّلَاة

<<  <  ج: ص:  >  >>