= كتاب الْأَقْضِيَة والشهادات = الْأَقْضِيَة جمع قَضَاء بِالْمدِّ كقباء وأقبية وَهُوَ لُغَة إِمْضَاء الشَّيْء وإحكامه وَشرعا فصل الْخُصُومَة بَين خصمين فَأكْثر بِحكم الله تَعَالَى والشهادات جمع شَهَادَة
وَهِي إِخْبَار عَن شَيْء بِلَفْظ خَاص وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا
وَالْأَصْل فِي الْقَضَاء قبل الْإِجْمَاع آيَات كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} وَقَوله تَعَالَى {فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} وأخبار كَخَبَر الصَّحِيحَيْنِ إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر وَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَفِي رِوَايَة فَلهُ عشرَة أجور قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم أجمع الْمُسلمُونَ على أَن هَذَا الحَدِيث يَعْنِي الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَاكم عَالم أهل للْحكم إِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ بِاجْتِهَادِهِ وإصابته وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر فِي اجْتِهَاده فِي طلب الْحق أما من لَيْسَ بِأَهْل للْحكم فَلَا يحل لَهُ أَن يحكم وَإِن حكم فَلَا أجر لَهُ بل هُوَ آثم وَلَا ينفذ حكمه سَوَاء أوافق الْحق أم لَا لِأَن إِصَابَته اتفاقية
لَيست صادرة عَن أصل شَرْعِي فَهُوَ عَاص فِي جَمِيع أَحْكَامه سَوَاء أوافق الصَّوَاب أم لَا
وَهِي مَرْدُودَة كلهَا وَلَا يعْذر فِي شَيْء من ذَلِك وَقد روى الْأَرْبَعَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُضَاة ثَلَاثَة قاضيان فِي النَّار وقاض فِي الْجنَّة
فَأَما الَّذِي فِي الْجنَّة فَرجل عرف الْحق وَقضى بِهِ واللذان فِي النَّار رجل عرف الْحق فجار فِي الْحق وَرجل قضى للنَّاس على جهل وَالْقَاضِي الَّذِي ينفذ حكمه هُوَ الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث لَا اعْتِبَار بحكمهما
وتولي الْقَضَاء فرض كِفَايَة فِي حق الصَّالِحين لَهُ فِي نَاحيَة
أما تَوْلِيَة الإِمَام لأَحَدهم فَفرض عين عَلَيْهِ
فَمن تعين عَلَيْهِ فِي نَاحيَة لزمَه طلبه وَلَزِمَه قبُوله (وَلَا يجوز) وَلَا يَصح (أَن يَلِي الْقَضَاء) الَّذِي هُوَ الحكم بَين النَّاس (إِلَّا من استكملت فِيهِ) بِمَعْنى اجْتمع فِيهِ (خمس عشرَة خصْلَة) ذكر المُصَنّف مِنْهَا خَصْلَتَيْنِ على ضَعِيف وَسكت عَن خَصْلَتَيْنِ على الصَّحِيح كَمَا ستعرف ذَلِك
الأولى (الْإِسْلَام) فَلَا تصح ولَايَة كَافِر وَلَو على كَافِر وَمَا جرت بِهِ الْعَادة من نصب شخص مِنْهُم للْحكم بَينهم فَهُوَ تَقْلِيد رئاسة وزعامة لَا تَقْلِيد حكم وَقَضَاء كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
(و) الثَّانِيَة (الْبلُوغ و) الثَّالِثَة (الْعقل)
فَلَا تصح ولَايَة غير مُكَلّف لنقصه
(و) الرَّابِعَة (الْحُرِّيَّة) فَلَا تصح ولَايَة رَقِيق وَلَو مبعضا لنقصه
(و) الْخَامِسَة (الذكورية) فَلَا تصح ولَايَة امْرَأَة وَلَا خُنْثَى مُشكل أما الْخُنْثَى الْوَاضِح الذُّكُورَة فَتَصِح ولَايَته كَمَا قَالَه