للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجماله وَبَيَانه وصيغ الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستفهام والوعد والوعيد والأسماء وَالْأَفْعَال والحروف وَمَا لَا بُد مِنْهُ فِي فهم الْكتاب وَالسّنة

(و) الْحَادِيَة عشرَة معرفَة طرف (تَفْسِير) من (كتاب الله تَعَالَى) ليعرف بِهِ الْأَحْكَام الْمَأْخُوذَة مِنْهُ

تَنْبِيه هَذَا مَعَ الَّذِي قبله من جملَة طرق الِاجْتِهَاد وَلَا يشْتَرط أَن يكون متبحرا فِي كل نوع من هَذِه الْعُلُوم حَتَّى يكون فِي النَّحْو كسيبويه وَفِي اللُّغَة كالخليل بل يَكْفِي معرفَة جمل مِنْهَا

قَالَ ابْن الصّباغ إِن هَذَا سهل فِي هَذَا الزَّمَان فَإِن الْعُلُوم قد دونت وجمعت انْتهى

وَيشْتَرط أَن يكون لَهُ من كتب الحَدِيث أصل كصحيح البُخَارِيّ وَسنَن أبي دَاوُد وَلَا يشْتَرط حفظ جَمِيع الْقُرْآن وَلَا بعضه عَن ظهر قلب بل يَكْفِي أَن يعرف مظان أَحْكَامه فِي أَبْوَابهَا فيراجعها وَقت الْحَاجة

وَلَا بُد أَن يعرف الْأَدِلَّة الْمُخْتَلف فِيهَا كالأخذ بِأَقَلّ مَا قيل وكالاستصحاب وَمَعْرِفَة أصُول الِاعْتِقَاد

كَمَا حُكيَ فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا عَن الْأَصْحَاب اشْتِرَاطه ثمَّ اجْتِمَاع هَذِه الْعُلُوم إِنَّمَا يشْتَرط فِي الْمُجْتَهد الْمُطلق وَهُوَ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيع أَبْوَاب الشَّرْع

أما الْمُقَلّد بِمذهب إِمَام خَاص فَلَيْسَ عَلَيْهِ معرفَة قَوَاعِد إِمَامه وليراع فِيهَا مَا يُرَاعى الْمُطلق فِي قوانين الشَّرْع فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهد كالمجتهد مَعَ نُصُوص الشَّرْع وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُ أَن يعدل عَن نَص إِمَامه كَمَا لَا يسوغ الِاجْتِهَاد مَعَ النَّص

قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد وَلَا يَخْلُو الْعَصْر عَن مُجْتَهد إِلَّا إِذا تداعى الزَّمَان وَقربت السَّاعَة

وَأما أَقْوَال الْغَزالِيّ والقفال إِن الْعَصْر خلا عَن الْمُجْتَهد المستقل

فَالظَّاهِر أَن المُرَاد مُجْتَهد قَائِم بِالْقضَاءِ فَإِن الْعلمَاء يرغبون عَنهُ فقد قَالَ مَكْحُول لَو خيرت بَين الْقَضَاء وَالْقَتْل لاخترت الْقَتْل

وَامْتنع مِنْهُ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا وَهَذَا ظَاهر لَا شكّ فِيهِ إِذْ كَيفَ يُمكن الْقَضَاء على الْأَعْصَار بخلوها عَن الْمُجْتَهد وَالشَّيْخ أَبُو عَليّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْن والأستاذ أَبُو إِسْحَاق وَغَيرهم كَانُوا يَقُولُونَ لسنا مقلدين للشَّافِعِيّ بل وَافق رَأينَا رَأْيه

وَيجوز تبعيض الِاجْتِهَاد بِأَن يكون الْعَالم مُجْتَهدا فِي بَاب دون بَاب فيكفيه علم مَا يتَعَلَّق بِالْبَابِ الَّذِي يجْتَهد فِيهِ

(و) الثَّانِيَة عشرَة (أَن يكون سميعا) وَلَو بصياح فِي أُذُنه فَلَا يُولى أَصمّ لَا يسمع أصلا فَإِنَّهُ لَا يفرق بَين إِقْرَار وإنكار

وَالثَّالِثَة عشرَة أَن يكون (بَصيرًا) فَلَا يُولى أعمى وَلَا من يرى الأشباح وَلَا يعرف الصُّور لِأَنَّهُ لَا يعرف الطَّالِب من الْمَطْلُوب فَإِن كَانَ يعرف الصُّور إِذا قربت مِنْهُ صَحَّ وَخرج بالأعمى الْأَعْوَر فَإِنَّهُ يَصح تَوليته

وَكَذَا من يبصر نَهَارا فَقَط دون من يبصر لَيْلًا فَقَط قَالَه الْأَذْرَعِيّ

فَإِن قيل قد اسْتخْلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أم مَكْتُوم على الْمَدِينَة وَهُوَ أعمى

وَلذَلِك قَالَ مَالك بِصِحَّة ولَايَة الْأَعْمَى أُجِيب بِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَخْلَفَهُ فِي إِمَامَة الصَّلَاة دون الحكم

تَنْبِيه لَو سمع القَاضِي الْبَيِّنَة ثمَّ عمي

قضى فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة على الْأَصَح وَاسْتثنى أَيْضا لَو نزل أهل قلعة على حكم أعمى

فَإِنَّهُ يجوز كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي مَحَله

<<  <  ج: ص:  >  >>