الدَّم إِذْ الْيَمين هُنَاكَ فِي جَانب الْمُدَّعِي لوُجُود اللوث كَمَا تقدم هُنَاكَ وَله حِينَئِذٍ أَن يَأْخُذ من مَال الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر مُطَالبَة جنس حَقه وَإِذا أَخذه ملكه إِن كَانَ بِصفتِهِ فَإِن تعذر عَلَيْهِ جنس حَقه أَو لم يجد جنس حَقه بِصفتِهِ أَخذ غَيره مقدما النَّقْد على غَيره فيبيعه مُسْتقِلّا كَمَا يسْتَقلّ بِالْأَخْذِ وَلما فِي الرّفْع إِلَى الْحَاكِم من الْمُؤْنَة هَذَا حَيْثُ لَا حجَّة لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَبِيع إِلَّا بِإِذن الْحَاكِم وَلمن جَازَ لَهُ الْأَخْذ فعل مَا لَا يصل لِلْمَالِ إِلَّا بِهِ ككسر بَاب ونقب جِدَار وَظَاهر أَن مَحل ذَلِك
إِذا كَانَ ملكا للْمَدِين وَلم يتَعَلَّق بِهِ حق لَازم كرهن وَإِجَارَة والمأخوذ مَضْمُون على الْآخِذ إِن تلف قبل تملكه وَلَو بعد البيع لِأَنَّهُ أَخذه لغَرَض نَفسه كالمستلم وَإِن كَانَ الدّين على غير مُمْتَنع من أَدَائِهِ طَالبه بِهِ فَلَا يَأْخُذ شَيْئا لَهُ بِغَيْر مُطَالبَة وَلَو أَخذه لم يملكهُ وَلَزِمَه رده وَيضمنهُ إِن تلف عِنْده
(فَإِن نكل) الْمُدعى عَلَيْهِ أَي امْتنع (عَن الْيَمين) بعد عرضهَا عَلَيْهِ
كَأَن قَالَ أَنا ناكل أَو يَقُول لَهُ القَاضِي احْلِف
فَيَقُول لَا أَحْلف أَو يسكت لَا لدهشة وغباوة
(ردَّتْ) أَي الْيَمين حِينَئِذٍ (على الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ردهَا على صَاحب الْحق كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ
وَكَذَا فعل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِمحضر من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم من غير مُخَالفَة كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
(فَيحلف) الْمُدَّعِي إِن اخْتَار ذَلِك
(وَيسْتَحق) الْمُدَّعِي بِهِ بِيَمِينِهِ لَا بنكول خَصمه
وَقَول القَاضِي للْمُدَّعِي احْلِف نَازل منزلَة الحكم بنكول الْمُدعى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا
وَإِن لم يكن حكم بِنُكُولِهِ حَقِيقَة وَبِالْجُمْلَةِ فللخصم بعد نُكُوله الْعود إِلَى الْحلف مَا لم يحكم بِنُكُولِهِ حَقِيقَة أَو تَنْزِيلا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْعود إِلَيْهِ إِلَّا بِرِضا الْمُدَّعِي وَيبين القَاضِي حكم النّكُول للجاهل بِهِ
بِأَن يَقُول لَهُ إِن نكلت عَن الْيَمين حلف الْمُدَّعِي وَأخذ مِنْك الْحق فَإِن لم يفعل وَحكم بِنُكُولِهِ نفذ حكمه لتَقْصِيره بترك الْبَحْث عَن حكم النّكُول
وَيَمِين الرَّد وَهِي يَمِين الْمُدَّعِي بعد نُكُول خَصمه كإقرار الْخصم لَا كالبينة لِأَنَّهُ يتَوَصَّل بِالْيَمِينِ بعد نُكُوله إِلَى الْحق
فَأشبه إِقْرَاره بِهِ فَيجب الْحق بعد فرَاغ الْمُدَّعِي من يَمِين الرَّد من غير افتقار إِلَى حكم كَالْإِقْرَارِ وَلَا تسمع بعْدهَا حجَّة بمسقط كأداء أَو إِبْرَاء
فَإِن لم يحلف الْمُدَّعِي يَمِين الرَّد وَلَا عذر لَهُ سقط حَقه من الْيَمين والمطالبة لإعراضه عَن الْيَمين وَلَكِن تسمع حجَّته
فَإِن أبدى عذرا كإقامة حجَّة وسؤال فَقِيه ومراجعة حِسَاب أمْهل ثَلَاثَة أَيَّام فَقَط لِئَلَّا تطول مدافعته وَالثَّلَاثَة مُدَّة مغتفرة شرعا وَيُفَارق جَوَاز تَأْخِير الْحجَّة أبدا بِأَنَّهَا قد لَا تساعده وَلَا تحضر وَالْيَمِين إِلَيْهِ وَهل هَذَا الْإِمْهَال وَاجِب أَو مُسْتَحبّ وَجْهَان وَالظَّاهِر الأول وَلَا يُمْهل خَصمه لعذر حَتَّى يسْتَحْلف إِلَّا بِرِضا الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مقهور بِطَلَب الْإِقْرَار أَو الْيَمين بِخِلَاف الْمُدَّعِي وَإِن استمهل الْخصم فِي ابْتِدَاء الْجَواب لعذر أمْهل إِلَى آخر الْمجْلس إِن شَاءَ القَاضِي وَقيل إِن شَاءَ الْمُدَّعِي وَالْأول هُوَ مَا جرى عَلَيْهِ ابْن الْمقري وَهُوَ الظَّاهِر لِأَن الْمُدَّعِي لَا يتَقَيَّد بآخر الْمجْلس وَمن طُولِبَ بجزية فَادّعى مسْقطًا كإسلامه قبل تَمام الْحول فَإِن وَافَقت دَعْوَاهُ الظَّاهِر كَأَن كَانَ غَائِبا فَحَضَرَ وَادّعى ذَلِك وَحلف فَذَاك وَإِن لم نوافق الظَّاهِر بِأَن