من أغْلظ الْفَوَاحِش فغلظت الشَّهَادَة فِيهِ ليَكُون أستر وَإِنَّمَا تقبل شَهَادَتهم بِالزِّنَا إِذا قَالُوا حانت منا التفاتة فَرَأَيْنَا أَو تعمدنا النّظر لإِقَامَة الشَّهَادَة
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فَإِن قَالُوا تعمدنا لغير الشَّهَادَة فسقوا وَردت شَهَادَتهم انْتهى هَذَا إِذا تكَرر ذَلِك مِنْهُم وَلم تغلب طاعتهم على معاصيهم وَإِلَّا فَتقبل لِأَن ذَلِك صَغِيرَة وَيَنْبَغِي إِذا أطْلقُوا الشَّهَادَة أَن يستفسروا إِن تيَسّر وَإِلَّا فَلَا تقبل شَهَادَتهم وَلَا بُد أَن يَقُولُوا رَأَيْنَاهُ أَدخل حشفته أَو قدرهَا من فاقدها فِي فرجهَا وَإِن لم يَقُولُوا كالأصبع فِي الْخَاتم أَو كالمرود فِي المكحلة
تَنْبِيه اللواط فِي ذَلِك كَالزِّنَا وَكَذَا إتْيَان الْبَهِيمَة على الْمَذْهَب الْمَنْصُوص فِي الْأُم قَالَ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة لِأَن كلا جماع ونقصان الْعقُوبَة فِيهِ لَا يمْنَع من الْعدَد كَمَا فِي زنا الْأمة قَالَ البُلْقِينِيّ وَوَطْء الْميتَة لَا يُوجب الْحَد على الْأَصَح
وَهُوَ كإتيان الْبَهَائِم فِي أَنه لَا يثبت إِلَّا بأَرْبعَة على الْمُعْتَمد انْتهى
وَخرج بِمَا ذكر وَطْء الشُّبْهَة إِذا قصد بِالدَّعْوَى بِهِ المَال أَو شهد بِهِ حسبَة ومقدمات الزِّنَا كقبلة ومعانقة فَلَا تحْتَاج إِلَى أَرْبَعَة وَيقبل فِي الْإِقْرَار بِالزِّنَا وَمَا ألحق بِهِ رجلَانِ كَغَيْرِهِ من الأقارير
(و) الثَّانِي (ضرب يقبل فِيهِ اثْنَان) أَي رجلَانِ
(وَهُوَ) أَي هَذَا الضَّرْب الثَّانِي (مَا سوى الزِّنَا) وَمَا ألحق بِهِ (من الْحُدُود) سَوَاء أَكَانَ قتلا للمرتد أم لقاطع الطَّرِيق بِشَرْطِهِ أم لقطع فِي سَرقَة أم فِي طَرِيق أم فِي جلد لشارب مُسكر
(و) الثَّالِث (ضرب يقبل فِيهِ) رجل (وَاحِد وَهُوَ هِلَال شهر رَمَضَان) بِالنِّسْبَةِ للصَّوْم على أظهر الْقَوْلَيْنِ عِنْد الشَّيْخَيْنِ احْتِيَاطًا للصَّوْم أما بِالنِّسْبَةِ لحلول أجل أَو لوُقُوع طَلَاق فَلَا
كَمَا مر ذَلِك فِي الصّيام وَألْحق بذلك مسَائِل مِنْهَا مَا لَو نذر صَوْم رَجَب مثلا فَشهد وَاحِد بِرُؤْيَتِهِ فَهَل يجب الصَّوْم إِذا قُلْنَا يثبت بِهِ رَمَضَان
حكى ابْن الرّفْعَة فِيهِ وَجْهَيْن عَن الْبَحْر وَرجح ابْن الْمقري فِي كتاب الصّيام الْوُجُوب مِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوع آخر الصَّلَاة على الْمَيِّت عَن الْمُتَوَلِي أَنه لَو مَاتَ ذمِّي فَشهد عدل بِإِسْلَامِهِ لم يكف فِي الْإِرْث وَفِي الِاكْتِفَاء بِهِ فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ وتوابعها وَجْهَان بِنَاء على الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَال رَمَضَان وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيح الْقبُول وَهُوَ الظَّاهِر وَإِن أفتى القَاضِي حُسَيْن بِالْمَنْعِ وَمِنْهَا ثُبُوت شَوَّال بِشَهَادَة الْعدْل الْوَاحِد بطرِيق التّبعِيَّة فِيمَا إِذا ثَبت رَمَضَان بِشَهَادَتِهِ وَلم ير الْهلَال بعد الثَّلَاثِينَ فانفطر على الْأَصَح وَمِنْهَا المسمع للخصم كَلَام القَاضِي أَو للْقَاضِي كَلَام الْخصم يقبل فِيهِ الْوَاحِد وَهُوَ من بَاب الشَّهَادَة كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ قبيل الْقَضَاء على الْغَائِب وَمِنْهَا صور زِيَادَة على ذَلِك ذكرتها فِي شرح المنهاح وَغَيره
(وَلَا تقبل شَهَادَة) على فعل كزنا وَشرب خمر وغصب وَإِتْلَاف وولادة ورضاع واصطياد وإحياء وَكَون الْيَد على مَال إِلَّا بإبصار لذَلِك الْفِعْل مَعَ فَاعله لِأَنَّهُ يصل بِهِ إِلَى الْعلم وَالْيَقِين فَلَا يَكْفِي فِيهِ السماع من الْغَيْر قَالَ تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مثلهَا فاشهد أَو دع إِلَّا أَن فِي الْحُقُوق مَا اكْتفى فِيهِ بِالظَّنِّ الْمُؤَكّد لتعذر الْيَقِين فِيهِ وَتَدْعُو الْحَاجة