عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ أم الْوَلَد أعْتقهَا وَلَدهَا أَي أثبت لَهَا حق الْحُرِّيَّة وَلَو كَانَ سقطا وَهَذَا أحد الصُّور المستثناة من الْقَاعِدَة الْمَعْرُوفَة وَهِي من استعجل بِشَيْء قبل أَوَانه عُوقِبَ بحرمانه وعتقها (من رَأس مَاله) لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْتقهَا وَلَدهَا وَسَوَاء أحبلها أم أعْتقهَا فِي الْمَرَض أم لَا أَو أوصى بهَا من الثُّلُث أم لَا بِخِلَاف مَا لَو أوصى بِحجَّة الْإِسْلَام فَإِن الْوَصِيَّة بهَا تحسب من الثُّلُث لِأَن هَذَا إِتْلَاف حصل بالاستمتاع فَأشبه إِنْفَاق المَال فِي اللَّذَّات والشهوات وَيبدأ بِعتْقِهَا
(قبل) قَضَاء (الدُّيُون) وَلَو لله تَعَالَى كالكفارة (والوصايا) وَلَو لجِهَة عَامَّة كالفقراء (وَوَلدهَا) الْحَاصِل قبل الِاسْتِيلَاد من زنا أَو من زوج لَا يعتقون بِمَوْت السَّيِّد وَله بَيْعه وَالتَّصَرُّف فِيهِ بِسَائِر التَّصَرُّفَات لحدوثه قبل ثُبُوت الْحُرِّيَّة للْأُم بِخِلَاف الْوَلَد الْحَاصِل بعد الِاسْتِيلَاد
(من غَيره) بِنِكَاح أَو غَيره فَإِنَّهُ (بمنزلتها) فِي منع التَّصَرُّف فِيهِ بِمَا يمْتَنع عَلَيْهِ التَّصَرُّف بِهِ فِيهَا وَيجوز لَهُ استخدامه وإجارته وإجباره على النِّكَاح إِن كَانَ أُنْثَى لَا إِن كَانَ ذكرا وعتقه بِمَوْت السَّيِّد
وَإِن كَانَت أمه قد مَاتَت فِي حَيَاة السَّيِّد كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة لِأَن الْوَلَد يتبع أمه رقا وحرية فَكَذَا فِي سَببه اللَّازِم وَلِأَنَّهُ حق اسْتَقر لَهُ فِي حَيَاة أمه فَلم يسْقط بموتها وَلَو أعتق السَّيِّد مستولدته لم يعْتق وَلَدهَا
وَلَيْسَ لَهُ وَطْء بنت مستولدته
وَعلل ذَلِك بحرمتها بِوَطْء أمهَا وَهُوَ جري على الْغَالِب فَإِن استدخال الْمَنِيّ الَّذِي يثبت بِهِ الِاسْتِيلَاد كَذَلِك فَلَو وَطئهَا هَل تصير مُسْتَوْلدَة كَمَا لَو كَاتب ولد الْمُكَاتبَة فَإِنَّهُ يصير مكَاتبا أَو لَا يَنْبَغِي أَن يصير وَفَائِدَته الْحلف وَالتَّعْلِيق
تَنْبِيه سكت المُصَنّف عَن أَوْلَاد أَوْلَاد الْمُسْتَوْلدَة
وَلم أر من تعرض لَهُم وَالظَّاهِر أخذا من كَلَامهم أَنهم إِن كَانُوا من أَوْلَادهَا الْإِنَاث فحكمهم حكم أَوْلَادهَا أَو من الذكوره فَلَا لِأَن الْوَلَد يتبع الْأُم رقا وحرية وَلَو ادَّعَت الْمُسْتَوْلدَة أَن هَذَا الْوَلَد حدث بعد الِاسْتِيلَاد أَو بعد موت السَّيِّد فَهُوَ حر
وَأنكر الْوَارِث ذَلِك وَقَالَ بل حدث قبل الِاسْتِيلَاد فَهُوَ قن صدق بِيَمِينِهِ بِخِلَاف مَا لَو كَانَ فِي يَدهَا مَال وَادعت أَنَّهَا اكتسبته بعد موت السَّيِّد وَأنكر الْوَارِث فَإِنَّهَا المصدقة لِأَن الْيَد لَهَا فترجح بِخِلَافِهَا فِي الأولى فَإِنَّهَا تَدعِي حُرِّيَّته وَالْحر لَا يدْخل تَحت الْيَد (وَمن أصَاب) أَي وَطْء (أمة غَيره بِنِكَاح) لَا غرور فِيهِ بحريّة أَو زنا (فولده مِنْهَا) حِينَئِذٍ (مَمْلُوك لسَيِّدهَا) بِالْإِجْمَاع لِأَنَّهُ يتبع الْأُم فِي الرّقّ وَالْحريَّة أما إِذا غر بحريّة أمه فنكحها وأولدها فَالْوَلَد حر كَمَا ذكره الشَّيْخَانِ فِي بَاب الْخِيَار والإعفاف
وَكَذَا إِذا نَكَحَهَا بِشَرْط أَن أَوْلَادهَا الحادثين مِنْهُ أَحْرَار فَإِنَّهُ يَصح الشَّرْط وَمَا حدث لَهُ مِنْهَا من ولد فَهُوَ حر كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْقُوت فِي بَاب الصَدَاق
تَنْبِيه لَو نكح حر جَارِيَة أَجْنَبِي ثمَّ ملكهَا ابْنه أَو تزوج رَقِيق جَارِيَة ابْنه ثمَّ عتق لم يَنْفَسِخ النِّكَاح لِأَن الأَصْل فِي النِّكَاح الثَّبَات والدوام فَلَو اسْتَوْلدهَا الْأَب بعد عتقه فِي الثَّانِيَة وَملك ابْنه لَهَا فِي الأولى لم ينفذ استيلادها لِأَنَّهُ رَضِي برق وَلَده حِين نَكَحَهَا
وَلِأَن النِّكَاح حَاصِل مُحَقّق فَيكون واطئا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَة الْملك بِخِلَاف مَا إِذا لم يكن نِكَاح كَمَا جرى على ذَلِك الشَّيْخَانِ فِي بَاب النِّكَاح وَلَو ملك الْمكَاتب زَوْجَة سَيّده الْأمة انْفَسَخ نِكَاحه (فَإِن أَصَابَهَا) أَي وَطئهَا لَا بِنِكَاح بل (بِشُبْهَة) مِنْهُ كَأَن ظَنّهَا أمته أَو زَوجته الْحرَّة (فولده مِنْهَا) حِينَئِذٍ (حر نسيب) بِلَا خلاف اعْتِبَارا بظنه
(و) لَكِن (عَلَيْهِ) فِي هَذِه الْحَالة (قِيمَته) وَقت وِلَادَته بِأَن يقدر رَقِيقا فَمَا بلغت قِيمَته دَفعه (للسَّيِّد) لتفويته الرّقّ عَلَيْهِ بظنه أما إِذا ظَنّهَا زَوجته الْأمة فَالْوَلَد رَقِيق للسَّيِّد اعْتِبَارا بظنه وَإِطْلَاق المُصَنّف ينزل على هَذَا التَّفْصِيل كَمَا نزلنَا عَلَيْهِ عبارَة الْمِنْهَاج فِي شَرحه إِذْ هُوَ الْمَذْكُور فِي الرَّوْضَة وَغَيرهَا
وَلَو أفْصح بِهِ كَانَ أولى وَلَو تزوج شخص بحرة وَأمة بِشَرْطِهِ فوطىء الْأمة يَظُنهَا الْحرَّة فالأشبه أَن الْوَلَد حر كَمَا فِي أمة الْغَيْر يَظُنهَا زَوجته الْحرَّة
تَنْبِيه أطلق المُصَنّف الشُّبْهَة وَمُقْتَضى تَعْلِيلهم شُبْهَة الْفَاعِل فَتخرج شُبْهَة الطَّرِيق الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْء بهَا عَالم فَلَا يكون الْوَلَد بهَا حرا كَأَن تزوج شَافِعِيّ أمة وَهُوَ مُوسر وَبَعض الْمذَاهب يرى بِصِحَّتِهِ فَيكون الْوَلَد رَقِيقا وَكَذَا لَو أكره على أمة الْغَيْر كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ