وَكَذَا لَو أَخذه ليديه ظَانّا أَنه مسح وَجهه ثمَّ تذكر أَنه لم يمسحه لم يجز أَن يمسح بِهِ وَجهه ذكره الْقفال فِي فَتَاوِيهِ
وَيجب مسح وَجهه وَيَديه بضربتين لخَبر الْحَاكِم التَّيَمُّم ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ
ورواى أَبُو دَاوُد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تيَمّم بضربتين مسح بِإِحْدَاهُمَا وَجهه وبالأخرى ذِرَاعَيْهِ
وَلِأَن الِاسْتِيعَاب غَالِبا لَا يَتَأَتَّى بدونهما فأشبها الْأَحْجَار الثَّلَاثَة فِي الِاسْتِنْجَاء وَلَا يتَعَيَّن الضَّرْب فَلَو وضع يَدَيْهِ على تُرَاب ناعم وعلق بهما غُبَار كفى
القَوْل فِي سنَن التَّيَمُّم ثمَّ شرع فِي سنَن التَّيَمُّم فَقَالَ (وسننه) أَي التَّيَمُّم (ثَلَاثَة أَشْيَاء) وَفِي بعض النّسخ ثَلَاث خِصَال بل أَكثر من ذَلِك كَمَا ستعرفه الأول (التَّسْمِيَة) أَوله كَالْوضُوءِ وَالْغسْل وَلَو لمحدث حَدثا أكبر
(و) الثَّانِي (تَقْدِيم الْيُمْنَى) من الْيَدَيْنِ (على الْيُسْرَى) مِنْهُمَا (و) الثَّالِث (الْمُوَالَاة) كَالْوضُوءِ لِأَن كلا مِنْهُمَا طَهَارَة عَن حدث وَإِذا اعْتبرنَا هُنَاكَ الْجَفَاف اعتبرناها هُنَا أَيْضا بتقديره مَاء وَمن سنَنه أَيْضا الْمُوَالَاة بَين التَّيَمُّم وَالصَّلَاة خُرُوجًا من خلاف من أوجبهَا وَتجب الْمُوَالَاة بقسميها فِي تيَمّم دَائِم الْحَدث كَمَا تجب فِي وضوئِهِ تَخْفِيفًا للمانع
وَمن سنَنه الْبدَاءَة بِأَعْلَى وَجهه وَتَخْفِيف الْغُبَار من كفيه أَو مَا يقوم مقامهما وتفريق أَصَابِعه فِي أول الضربتين وتخليل أَصَابِعه بعد مسح الْيَدَيْنِ وَأَن لَا يرفع الْيَد عَن الْعُضْو قبل تَمام مَسحه خُرُوجًا من خلاف من أوجبه
القَوْل فِي مبطلات التَّيَمُّم ثمَّ شرع فِي مبطلات التَّيَمُّم فَقَالَ وَالَّذِي يبطل التَّيَمُّم بعد صِحَّته (ثَلَاثَة أَشْيَاء)
القَوْل فِي حكم رُؤْيَة المَاء أَو توهمه للمتيمم الأول (مَا) أَي الَّذِي (أبطل الْوضُوء) وَتقدم بَيَانه فِي مَوْضِعه
(و) الثَّانِي (رُؤْيَة المَاء) الطّهُور (فِي غير وَقت الصَّلَاة) وَإِن ضَاقَ الْوَقْت بِالْإِجْمَاع كَمَا قَالَه ابْن الْمُنْذر وَلخَبَر أبي دَاوُد التُّرَاب كافيك وَلَو لم تَجِد المَاء عشر حجج فَإِذا وجدت المَاء فأمسه جِلْدك
رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ وَلِأَنَّهُ لم يشرع فِي الْمَقْصُود فَصَارَ كَمَا لَو رَآهُ فِي أثْنَاء التَّيَمُّم وَوُجُود ثمن المَاء عِنْد إِمْكَان شِرَائِهِ كوجود المَاء وَكَذَا توهم المَاء وَإِن زَالَ سَرِيعا لوُجُوب طلبه بِخِلَاف توهم الستْرَة لَا يجب عَلَيْهِ طلبَهَا لِأَن الْغَالِب عدم وجدانها بِالطَّلَبِ للبخل بهَا وَمن التَّوَهُّم رُؤْيَة سراب وَهُوَ مَا يرى نصف النَّهَار كَأَنَّهُ مَاء أَو رُؤْيَة غمامة مطبقة بِقُرْبِهِ أَو رُؤْيَة ركب طلع أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا يتَوَهَّم مَعَه المَاء فَلَو سمع قَائِلا يَقُول عِنْدِي مَاء لغَائِب بَطل تيَمّمه لعلمه بِالْمَاءِ قبل الْمَانِع أَو يَقُول عِنْدِي لغَائِب مَاء لم يبطل تيَمّمه لمقارنة الْمَانِع وجود المَاء وَلَو قَالَ عِنْدِي لحاضر مَاء وَجب عَلَيْهِ طلبه مِنْهُ وَلَو قَالَ لفُلَان مَاء وَلم يعلم السَّامع غيبته وَلَا حُضُوره وَجب السُّؤَال عَنهُ أَي وَيبْطل تيَمّمه فِي الصُّورَتَيْنِ لما مر من أَن وجوب الطّلب يُبطلهُ وَلَو سَمعه يَقُول عِنْدِي مَاء ورد بَطل أَيْضا وَوُجُود مَا ذكر قبل تَمام تَكْبِيرَة الْإِحْرَام كوجوده قبل الشُّرُوع فِيهَا وَإِنَّمَا يُبطلهُ وجود المَاء أَو توهمه إِن لم يقْتَرن بمانع يمْنَع من اسْتِعْمَاله كعطش وَسبع لِأَن وجوده وَالْحَالة هَذِه كَالْعدمِ فَإِن وجده فِي صَلَاة لَا تسْقط قَضَاؤُهَا بِالتَّيَمُّمِ بِأَن صلى فِي مَكَان يغلب فِيهِ وجود المَاء بَطل تيَمّمه إِذْ لَا فَائِدَة بالاشتغال بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا بُد من إِعَادَتهَا وَإِن أسقط التَّيَمُّم قضاءها لم يبطل تيَمّمه لِأَنَّهُ شرع فِي الْمَقْصُود فَكَانَ كَمَا لَو وجد الْمُكَفّر الرَّقَبَة بعد الشُّرُوع فِي الصَّوْم وَلِأَن وجود المَاء لَيْسَ حَدثا لكنه مَانع من ابْتِدَاء التَّيَمُّم وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين صَلَاة الْفَرْض كَظهر وَصَلَاة جَنَازَة وَالنَّفْل كعيد ووتر وَلَو رأى الْمُسَافِر المَاء فِي أثْنَاء صلَاته وَهُوَ