مَحَله لِأَنَّهُ ضَعِيف فَلَا يُؤثر من وَرَاء حَائِل وَلَا يقدر الْمسْح بِمدَّة بل لَهُ الاستدامة إِلَى الِانْدِمَال لِأَنَّهُ لم يرد فِيهِ تأقيت وَلِأَن السَّاتِر لَا ينْزع للجنابة بِخِلَاف الْخُف فيهمَا وَيمْسَح الْجنب وَنَحْوه مَتى شَاءَ والمحدث وَقت غسل عليله وَيشْتَرط فِي السَّاتِر ليكفي مَا ذكر أَن لَا يَأْخُذ من الصَّحِيح إِلَّا مَا لَا بُد مِنْهُ للاستمساك وَيجب غسل الصَّحِيح لِأَنَّهَا طَهَارَة ضَرُورَة فَاعْتبر الْإِتْيَان فِيهَا بأقصى الْمُمكن (وَيتَيَمَّم) وجوبا لما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد كل رِجَاله ثِقَات عَن جَابر فِي المشجوج الَّذِي احْتَلَمَ واغتسل فَدخل المَاء شجته فَمَاتَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَن يتَيَمَّم ويعصب على رَأسه خرقَة ثمَّ يمسح عَلَيْهَا وَيغسل سَائِر جسده وَالتَّيَمُّم بدل عَن غسل الْعُضْو العليل وَمسح السَّاتِر بدل عَن غسل مَا تَحت أَطْرَافه من الصَّحِيح كَمَا فِي التَّحْقِيق وَغَيره
وَقَضِيَّة ذَلِك أَنه لَو كَانَ السَّاتِر بِقدر الْعلَّة فَقَط أَو بأزيد وَغسل الزَّائِد كُله لَا يجب الْمسْح وَهُوَ كَذَلِك فإطلاقهم وجوب الْمسْح جرى على الْغَالِب من أَن السَّاتِر يَأْخُذ زِيَادَة على مَحل الْعلَّة والفصد كالجرح الَّذِي يخَاف من غسله مَا مر فيتيمم لَهُ إِن خَافَ اسْتِعْمَال المَاء وعصابته كاللصوق وَلما بَين حبات الجدري حكم الْعُضْو الجريح إِن خَافَ من غسله مَا مر وَإِذا ظهر دم الفصادة من اللصوق وشق عَلَيْهِ نَزعه وَجب عَلَيْهِ مَسحه ويعفى عَن هَذَا الدَّم الْمُخْتَلط بِالْمَاءِ تَقْدِيمًا لمصْلحَة الْوَاجِب على دفع مفْسدَة الْحَرَام كوجوب تنحنح مصلي الْفَرْض حَيْثُ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة الْوَاجِبَة وَإِذا تيَمّم الَّذِي غسل الصَّحِيح وَتيَمّم عَن الْبَاقِي وَأدّى فَرِيضَة لفرض ثَان وثالث وَهَكَذَا وَلم يحدث بعد طَهَارَته الأولى لم يعد الْجنب وَنَحْوه غسلا لما غسله وَلَا مسحا لما مَسحه وَالْحَدَث كالجنب فَلَا يحْتَاج إِلَى إِعَادَة غسل مَا بعد عليله لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ لَو بطلت طَهَارَة العليل وطهارة العليل بَاقِيَة إِذْ يتَنَفَّل بهَا وَإِنَّمَا يُعِيد التَّيَمُّم لضَعْفه عَن أَدَاء فرض ثَان بِخِلَاف من نسي لمْعَة فَإِن طَهَارَة ذَلِك الْعُضْو لم تحصل وَإِذا امْتنع وجوب اسْتِعْمَال المَاء فِي عُضْو من مَحل الطَّهَارَة لنَحْو مرض أَو جرح وَلم يكن عَلَيْهِ سَاتِر وَجب التَّيَمُّم لِئَلَّا يبْقى مَوضِع الْعلَّة بِلَا طَهَارَة فيمر التُّرَاب مَا أمكن على مَوضِع الْعلَّة إِن كَانَت بِمحل التَّيَمُّم وَيجب غسل الصَّحِيح بِقدر الْإِمْكَان لما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ فِي رِوَايَة لَهما أَنه غسل معاطفه وَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ صلى بهم
قَالَ الْبَيْهَقِيّ مَعْنَاهُ أَنه غسل مَا أمكنه وَتَوَضَّأ وَتيَمّم للْبَاقِي ويتلطف فِي غسل الصَّحِيح المجاور للعليل فَيَضَع خرقَة مبلولة بِقُرْبِهِ ويتحامل عَلَيْهَا ليغسل بالمتقاطر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute