للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلم يكن وَاجِبا حَال الْحيض وَالنّفاس لِأَنَّهَا مَمْنُوعَة مِنْهُ وَالْمَنْع وَالْوُجُوب لَا يَجْتَمِعَانِ

(و) الثَّالِث (قِرَاءَة) شَيْء من (الْقُرْآن) بِاللَّفْظِ أَو بِالْإِشَارَةِ من الْأَخْرَس كَمَا قَالَه القَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَة النُّطْق هُنَا وَلَو بعض آيَة للإخلال بالتعظيم سَوَاء أقصد مَعَ ذَلِك غَيرهَا أم لَا لحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَغَيره لَا يقْرَأ الْجنب وَلَا الْحَائِض شَيْئا من الْقُرْآن و (يقْرَأ) رُوِيَ بِكَسْر الْهمزَة على النَّهْي وَبِضَمِّهَا على الْخَبَر المُرَاد بِهِ النَّهْي ذكره فِي الْمَجْمُوع وَضَعفه لَكِن لَهُ متابعات تجبر ضعفه وَلمن بِهِ حدث أكبر إِجْرَاء الْقُرْآن على قلبه وَنظر فِي الْمُصحف وَقِرَاءَة مَا نسخت تِلَاوَته وتحريك لِسَانه وهمسه بِحَيْثُ لَا يسمع نَفسه لِأَنَّهَا لَيست بِقِرَاءَة قُرْآن وفاقد الطهُورَيْنِ يقْرَأ الْفَاتِحَة وجوبا فَقَط للصَّلَاة لِأَنَّهُ مُضْطَر إِلَيْهَا خلافًا ل لرافعي فِي قَوْله لَا يجوز لَهُ قرَاءَتهَا كَغَيْرِهَا أما خَارج الصَّلَاة فَلَا يجوز لَهُ أَن يقْرَأ شَيْئا وَلَا أَن يمس الْمُصحف مُطلقًا وَلَا أَن تُوطأ الْحَائِض أَو النُّفَسَاء إِذا انْقَطع دَمهَا وَأما فَاقِد المَاء فِي الْحَضَر فَيجوز لَهُ إِذا تيَمّم أَن يقْرَأ وَلَو فِي غير الصَّلَاة

وَهَذَا فِي حق الشَّخْص الْمُسلم

أما الْكَافِر فَلَا يمْنَع من الْقِرَاءَة لِأَنَّهُ لَا يعْتَقد حُرْمَة ذَلِك كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ أما تَعْلِيمه وتعلمه فَيجوز إِن رُجي إِسْلَامه وَإِلَّا فَلَا

تَنْبِيه يحل لمن بِهِ حدث أكبر أذكار الْقُرْآن وَغَيرهَا كمواعظه وأخباره وَأَحْكَامه لَا بِقصد قُرْآن كَقَوْلِه عِنْد الرّكُوب {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} أَي مطيقين وَعند الْمُصِيبَة {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} وَمَا جرى بِهِ لِسَانه بِلَا قصد فَإِن قصد الْقُرْآن وَحده أَو مَعَ الذّكر حرم وَإِن أطلق فَلَا

كَمَا نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي دقائقه لعدم الْإِخْلَال بحرمته لِأَنَّهُ لَا يكون قُرْآنًا إِلَّا بِالْقَصْدِ قَالَه النَّوَوِيّ وَغَيره وَظَاهره أَن ذَلِك جَار فِيمَا يُوجد نظمه فِي غير الْقُرْآن كالآيتين المتقدمتين والبسملة والحمدلة وَفِيمَا لَا يُوجد نظمه إِلَّا فِيهِ كسورة الْإِخْلَاص وَآيَة الْكُرْسِيّ وَهُوَ كَذَلِك وَإِن قَالَ الزَّرْكَشِيّ لَا شكّ فِي تَحْرِيم مَا لَا يُوجد نظمه فِي غير الْقُرْآن وَتَبعهُ على ذَلِك بعض الْمُتَأَخِّرين كَمَا شَمل ذَلِك قَول الرَّوْضَة أما إِذا قَرَأَ شَيْئا مِنْهُ لَا على قصد الْقُرْآن فَيجوز

(و) الرَّابِع (مس) شي من (الْمُصحف) بِتَثْلِيث الْمِيم لَكِن الْفَتْح غَرِيب سَوَاء فِي ذَلِك ورقه الْمَكْتُوب فِيهِ وَغَيره لقَوْله تَعَالَى {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَيحرم أَيْضا مس جلده الْمُتَّصِل بِهِ لِأَنَّهُ كالجزء مِنْهُ وَلِهَذَا يتبعهُ فِي البيع وَأما الْمُنْفَصِل عَنهُ فقضية كَلَام الْبَيَان حل مَسّه وَبِه صرح الْإِسْنَوِيّ وَفرق بَينه وَبَين حُرْمَة الِاسْتِنْجَاء بِأَن الِاسْتِنْجَاء أفحش وَنقل الزَّرْكَشِيّ عَن الْغَزالِيّ أَنه يحرم مَسّه أَيْضا وَلم ينْقل مَا يُخَالِفهُ

وَقَالَ ابْن الْعِمَاد إِنَّه الْأَصَح إبْقَاء لِحُرْمَتِهِ قبل انْفِصَاله انْتهى

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد إِذا لم تَنْقَطِع نسبته عَن الْمُصحف فَإِن انْقَطَعت كَأَن جعل جلد كتاب لم يرحم مَسّه قطعا (و) كَذَا يحرم (حمله) أَي الْمُصحف لِأَنَّهُ أبلغ من الْمس نعم يجوز حمله لضَرُورَة كخوف عَلَيْهِ من غرق أَو حرق أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>