التنقية من الشّعْر فَفِيهِ خلاف وَالصَّحِيح أَنه لَا يَصح أَيْضا لاشتمالها على المناخر والمشافر وَغَيرهمَا وَهِي لَا تنضبط وَلِأَن معظمها عظم وَهُوَ غير مَقْصُود فيكثر الْغرَر وَحكم الأكارع حكم الرؤوس ثمَّ من قَالَ بِالْجَوَازِ قَالَ يكون بِالْوَزْنِ واتقصر عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ هُوَ بِالْوَزْنِ وَالْعد وَلَا يَكْفِي أَحدهمَا وَيُقَاس غير مَا ذَكرْنَاهُ بِمَا ذَكرْنَاهُ وَالله أعلم
وَأما مَا دخله النَّار لغير التَّمْيِيز كالنار القوية فَلَا يَصح السّلم فِيهِ كالخبز والشواء وَمَا أشبه ذَلِك لِأَن تَأْثِير النَّار فِيهَا لَا يَنْضَبِط وَفِي وَجه يجوز السّلم فِي الْخبز وَصَححهُ الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَحَكَاهُ الرَّوْيَانِيّ عَن مَشَايِخ خُرَاسَان وَفِي الْعَسَل الْمُصَفّى وَالسكر والفانيذ والدبس وَجْهَان فِي أصل الرَّوْضَة بِلَا تَرْجِيح واستبعد الإِمَام عدم الصِّحَّة فِي هَذِه الْأَشْيَاء وَاخْتَارَ الْغَزالِيّ وَالْمُتوَلِّيّ الصِّحَّة وَحكى الرَّافِعِيّ طَريقَة قَاطِعَة بِالصِّحَّةِ فِي هَذِه الْأَشْيَاء وَقَضِيَّة كَلَام الرَّافِعِيّ عدم الصِّحَّة لَكِن النَّوَوِيّ صحّح فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه الصِّحَّة فِي هَذِه الْأَشْيَاء وَعلله بِأَن نَار هَذِه الْأَشْيَاء لينَة وَجعل هَذِه الْعلَّة ضابطاً قلت وَفِي كَون نَار هَذِه الْأَشْيَاء لينَة نظر ظَاهر والحس يَدْفَعهُ إِذْ نَار السكر فِي غَايَة الْقُوَّة وَلَعَلَّ الْعلَّة الصَّحِيحَة كَون نَار هَذِه الْأَشْيَاء منضبطة وَلِهَذَا تردد صَاحب التَّقْرِيب فِي صِحَة السّلم فِي المارودي وَلم يصحح الرَّافِعِيّ وَلَا النَّوَوِيّ فِي شَيْئا قَالَ الأسنائي وَالرَّاجِح الْجَوَاز فقد قَالَ الرَّوْيَانِيّ إِنَّه لَا يَصح عِنْدِي وَعند عَامَّة الْأَصْحَاب وَتَصْحِيح الصِّحَّة فِي هَذِه الْأَشْيَاء يُقَوي تَصْحِيح جَوَاز السّلم فِي الْخبز بل هُوَ أولى لِأَن ناره أَلين من نَار هَذِه الْأَشْيَاء بِلَا شكّ
فَإِن علل صِحَة هَذِه الْأَشْيَاء يكون النَّار لَهَا حد مضبوط عِنْد أَرْبَابهَا قُلْنَا كَذَا الْخبز وَالله أعلم قَالَ
(وَألا يكون معينا وَلَا من معِين)
من شُرُوط صِحَة عقد السّلم أَن يكون الْمُسلم فِيهِ دينا أَي فِي الذِّمَّة لِأَن وضع السّلم إِنَّمَا هُوَ على مَا فِي الذمم فَلَو قَالَ أسلمت إِلَيْك هَذَا فِي هَذَا الثَّوْب أَو فِي هَذَا الْحَيَوَان وَنَحْو ذَلِك لم ينْعَقد سلما لانْتِفَاء الدِّينِيَّة وَهل ينْعَقد بيعا قَولَانِ الْأَظْهر لَا ينْعَقد لاختلال اللَّفْظ وَمعنى الاختلال أَن السّلم يَقْتَضِي الدِّينِيَّة مَعَ التَّعْيِين يتناقضان وَلَو قَالَ اشْتريت مِنْك ثوبا صفته كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِم فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَد بيعا على الرَّاجِح نظرا إِلَى اللَّفْظ وَهَذَا إِذا لم يذكر بعده لفظ السّلم فَإِن ذكره فَقَالَ اشْتَرَيْته سلما كَانَ سلما ذكره الرَّافِعِيّ فِي تَفْرِيق الصَّفْقَة عِنْد ذكر الْجمع بَين عقدين مختلفي الحكم فاعرفه وَلَو قَالَ أسلمت اليك هَذَا الدِّرْهَم فِي مَكِيل من هَذَا الْقَمْح لَا يَصح أَيْضا لما ذَكرْنَاهُ وَهَذَا معنى قَول الشَّيْخ وَلَا من معِين وَالله أعلم قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute