(ثمَّ لصِحَّة السّلم ثَمَانِيَة شُرُوط أَن يصفه بعد ذكر جنسه ونوعه بِالصِّفَاتِ الَّتِي يخْتَلف بهَا الثّمن وَيذكر بِمَا يَنْفِي الْجَهَالَة عَنهُ)
قد علمت أَن السّلم عقد غرر جوز للْحَاجة وأنواع الْمُسلم فِيهِ وَصِفَاته بعد ذكر الْجِنْس مُخْتَلفَة بِحَسب ذَلِك الْجِنْس والأغراض تخْتَلف فِي ذَلِك بِاعْتِبَار الْمَقَاصِد وَلِهَذَا اخْتلفت الْقيمَة باخْتلَاف الصِّفَات الْمَقْصُودَة فَلَا بُد من ذكر تِلْكَ الصِّفَات لينتفي الْغرَر وَيَنْقَطِع النزاع وصور الْمُسلم فِيهِ كَثِيرَة فَنَذْكُر مِنْهَا مَا يسْتَدلّ بِهِ على غَيره
مِنْهَا إِذا أسلم فِي الثِّيَاب فيذكر بعد ذكر الْجِنْس وَالْجِنْس الْقطن أَو الْكَتَّان النَّوْع والبلد الَّذِي ينسج فِيهِ إِن اخْتلف بِهِ الْغَرَض وَيذكر الطول وَالْعرض وهما من صِفَات الثَّوْب والرقة والغلظ وهما من صِفَات الْغَزل وَيذكر الصفاقة وَهِي صفة الصَّنْعَة وَيذكر النعومة والخشونة لِأَن الْأَغْرَاض تخْتَلف بذلك وَيجوز السّلم فِي الْمَقْصُور كالخام فَإِن أطلق العقد حمل على الخام لِأَن القصارة صفة زَائِدَة فَلَا بُد من ذكرهَا وَلَا يجوز السّلم فِي الملبوس لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِط وَيجوز فِي الثِّيَاب الَّتِي صبغ غزلها قبل النسج كالبرود بِخِلَاف المصبوغة بعد النسج فَإِن الْمَعْرُوف أَنه لَا يَصح السّلم فِيهَا لعدم الضَّبْط وَمِنْهَا إِذا أسلم فِي الرَّقِيق فَلَا بُد من ذكر نَوعه كتركي وَكَذَا يذكر صفة النَّوْع إِن اخْتلف كَونه أَبيض ويصف بياضه بسمرة أَو شقرة ويصف السوَاد إِن ذكره بالصفاء والكدورة وَهَذَا إِذا اخْتلف لون الصِّنْف فَإِن لم يخْتَلف كالزنج لم يجب التَّعَرُّض لألوانهم وَلَا بُد مَعَ هَذَا من ذكر الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة وَالسّن فِي الْكبر والصغر والطول وَالْقصر وَلَو ضَبطه بالأشبار صَحَّ وكل ذَلِك على التَّقْرِيب حَتَّى لَو شَرط كَونه ابْن عشْرين لَا يزِيد وَلَا ينقص لَا يَصح السّلم لندوره وَهل يشْتَرط مَعَ ذَلِك التَّعَرُّض للكحل وَالسمن وَنَحْو ذَلِك وَجْهَان الْأَصَح لَا لتسامح النَّاس بإهمال ذَلِك
وَالثَّانِي يجب لِأَن الْأَغْرَاض تخْتَلف بذلك
قلت وَهُوَ قوي لِأَن هَذِه الْأَوْصَاف مَطْلُوبَة مَقْصُودَة وتختلف الْقيمَة باختلافها لِأَن كثيرا من النَّاس يهوون السمان وتمج أنفسهم الرقَاق وَهُوَ لَا يتقاعد عَن ذكر بعض الصِّفَات الْمُتَقَدّمَة وَقد اشْترط ذَلِك الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَالله أعلم وَيجب ذكر الثيوبة والبكارة فِي الْأَصَح وَلَو أسلم فِي جَارِيَة مغنية فَإِن كَانَ غنَاؤُهَا بِغَيْر آلَة مُحرمَة صَحَّ وَإِن كَانَ بِعُود أَو زمر فَلَا يَصح وَلَو أسلم فِي جَارِيَة زَانِيَة فَوَجْهَانِ وَلَو شَرط كَونهَا فوادة لم يَصح وَمِنْهَا التَّمْر فيذكر لَونه ونوعه وبلده وَصغر الجرم وَكبره وَكَونه عتيقاً أَو جَدِيدا وَالْحِنْطَة وَسَائِر الْحُبُوب كالتمر وَمِنْهَا الْعَسَل فيذكر كَونه جبلياً أَي لِأَن الْجبلي أطيب أَو بلدياً أَو أَنه صَيْفِي لِأَن الخريفي أَجود أَو خريفي أَبيض أَو أصفر وَلَا يشْتَرط ذكر الْعتَاقَة والحداثة لِأَنَّهُ لَا غَرَض مَقْصُود فِيهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَا بُد من بَيَان مُرَاعَاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute