يسْتَحق تبعا قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} علق الْأُجْرَة بِفعل الْإِرْضَاع لَا بِاللَّبنِ وَهَذَا كَمَا إِذا اسْتَأْجر دَارا وفيهَا بِئْر مَاء يجوز الشّرْب مِنْهَا تبعا لَو اسْتَأْجر للارضاع وَنفى الْحَضَانَة فَهَل يجوز وَجْهَان أَحدهمَا لَا كَمَا إِذا اسْتَأْجر شَاة لارضاع سخلة لِأَنَّهُ عقد على اسْتِيفَاء عين وأصحهما الصِّحَّة كَمَا يجوز الاستجئار لمُجَرّد الْحَضَانَة وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الْفَحْل للنزوان على الاناث للنَّهْي عَن ذَلِك وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عسب الْفَحْل وَفِي مُسلم عَن بيع ضراب الْفَحْل وروى عَن الشَّافِعِي عَن ثمن عسب الْفَحْل وَالله أعلم وَقَوْلنَا مَقْصُودَة احْتِرَاز عَن مَنْفَعَة تافهة كاستئجار تفاحة وَنَحْوهَا للشم نعم إِذا كثر التفاح قَالَ الرَّافِعِيّ فَالْوَجْه الصِّحَّة كاستئجار الرياحين للشم وَمن الْمَنَافِع التافهة اسْتِئْجَار الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَإِن أطلق العقد فَبَاطِل وَإِن صرح باستئجارها للتزيين فَالْأَصَحّ الْبطلَان أَيْضا وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الطَّعَام لتزيين الحوانيت على الْمَذْهَب وَالله أعلم وَقَوْلنَا مَعْلُومَة احْتِرَاز عَن الْمَنْفَعَة المجهولة فَإِنَّهَا لَا تصح للغرر فَلَا بُد من الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ قدرا ووصفاً وَقَوْلنَا قَابِلَة للبذل وَالْإِبَاحَة فِيهِ احْتِرَاز عَن اسْتِئْجَار آلَات اللَّهْو كالطنبور والمزمار والرباب وَنَحْوهَا فَإِن استئجارها حرَام وَيحرم بذل الْأُجْرَة فِي مقابلتها وَيحرم أَخذ الْأُجْرَة لِأَنَّهُ من قبيل أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار المغاني وَلَا اسْتِئْجَار شخص لحمل خمر وَنَحْوه وَلَا لجبي المكوس والرشا وَجَمِيع الْمُحرمَات عَافَانَا الله تَعَالَى مِنْهَا
وَقَوْلنَا بعوض مَعْلُوم احترزنا بِهِ عَن الْأُجْرَة المجهولة فَإِنَّهُ لَا يَصح جعلهَا أُجْرَة فَإِنَّهَا ثمن الْمَنْفَعَة وَشرط الثّمن أَن يكون مَعْلُوما وَلِأَن الْجَهْل بِهِ غرر إِذا عرفت هَذَا فَكل عين وجد فِي مَنْفَعَتهَا شُرُوط الصِّحَّة صَحَّ استئجارها كاستئجار الدَّار للسُّكْنَى وَالدَّوَاب للرُّكُوب والرحل لِلْحَجِّ وللبيع وَالشِّرَاء وَالْأَرْض للزَّرْع وَشبهه وَيشْتَرط فِي الْعين الْمُسْتَأْجرَة الْقُدْرَة على تَسْلِيمهَا فَلَا يجوز إِيجَار عبد آبق وَلَا دَابَّة شاردة ومغصوب لَا يقدر على انْتِزَاعه وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار أعمى للْحِفْظ لِأَنَّهُ يعجز عَن تَسْلِيم منفعَته كَمَا لَا يجوز اسْتِئْجَار دَابَّة زمنة للرُّكُوب وَالْحمل وَأَرْض لَا مَاء لَهَا وَلَا يكفيها الْمَطَر ونداوة الأَرْض وَمَا أشبه ذَلِك لِأَن الْأُجْرَة فِي مُقَابلَة الْمَنْفَعَة وَهِي مَعْدُومَة فَلَا يَصح إيجارها كَمَا لَا يَصح بيع الْعين المعدومة أَو الَّتِي لَا مَنْفَعَة فِيهَا وَقَول الشَّيْخ إِذا قدرت منفعَته أَي الْمُسْتَأْجرَة بِفَتْح الْجِيم بِمدَّة أَو عمل إِشَارَة إِلَى قَاعِدَة وَهِي أَن الْمَنْفَعَة المقعود عَلَيْهَا إِن كَانَت لَا تنقدر إِلَّا بِالزَّمَانِ فَالشَّرْط فِي صِحَة الْإِجَارَة فِيهَا أَن تقدر بِمدَّة وَذَلِكَ كَالْإِجَارَةِ للسُّكْنَى وَالرّضَاع وَنَحْو ذَلِك لتعينه طَرِيقا لِأَن تعْيين ذَلِك قد يعسر كالرضاع وَقد يتَعَذَّر وَإِن كَانَت لَا تتقدر إِلَّا بِالْعَمَلِ قدرت بِهِ وَإِن ورد العقد فِيهِ على الذِّمَّة كالركوب وَالْحج وَنَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ يتَقَدَّر بالمدة وَالْعَمَل كالخياطة وَالْبناء قدر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute