بِأَحَدِهِمَا قَوْله استأجرتك لتخيط هَذَا الثَّوْب أَو قَالَ استأجرتك لتخيط لي يَوْمًا وَنَحْوه من الْأَعْمَال فَإِن قدر بهما لم تصح على الرَّاجِح بِأَن قَالَ لتخيط هَذَا الثَّوْب فِي هَذَا الْيَوْم لِأَنَّهُ إِن فرغ فِي بعض الْيَوْم فَإِن طَالبه بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّة الْيَوْم فقد أخل بِشَرْط الْعَمَل وَإِلَّا أخل بِشَرْط الْمدَّة وَالله أعلم قَالَ
(وإطلاقها يَقْتَضِي تَعْجِيل الْأُجْرَة إِلَّا أَن يشْتَرط التَّأْجِيل)
تجب الْأُجْرَة بِنَفس العقد كَمَا يملك الْمُسْتَأْجر بِالْعقدِ الْمَنْفَعَة وَلِأَن الْإِجَارَة عقد لَو شَرط فِي عوضه التَّعْجِيل أَو التَّأْجِيل اتبع فَكَانَ مطلقه حَالا كَالثّمنِ فِي البيع نعم إِن شَرط فِيهِ التَّأْجِيل اتبع لِأَن الْمُؤمنِينَ عِنْد شروطهم فَإِذا حل الْأَجَل وَجَبت الْأُجْرَة كَالثّمنِ فِي البيع وَهَذَا فِي إِجَارَة الْعين كَقَوْلِه اسْتَأْجَرت مِنْك هَذِه الدَّابَّة وَنَحْو ذَلِك أما فِي إِجَارَة الذِّمَّة فَإِن عقد بِلَفْظ السّلم فَيشْتَرط قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس وَكَذَا إِن عقد بِلَفْظ الْإِجَارَة على الْأَصَح نظرا إِلَى الْمَعْنى فَيشْتَرط أَن تكون الْأُجْرَة حَالَة فِي إِجَارَة الذِّمَّة وَلَا يجوز تأجيلها لِئَلَّا يلْزم بيع الكالئ بالكالئ وَهُوَ بيع الدّين بِالدّينِ وَقد نهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تبطل الْإِجَارَة بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَتبطل بِتَلف الْعين الْمُسْتَأْجرَة)
إِذا مَاتَ أحد المستأجرين وَالْعين الْمُسْتَأْجرَة بَاقِيَة لم يبطل العقد لِأَن الْإِجَارَة عقد مُعَاوضَة على شَيْء يقبل النَّقْل وَلَيْسَ لأحد الْمُتَعَاقدين فَسخه بِلَا عذر فَلَا تبطل بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين كَالْبيع فَإِذا مَاتَ الْمُسْتَأْجر قَامَ وَارثه مقَامه فِي اسْتِيفَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ الْمُؤَجّر ترك الْمَأْجُور فِي يَد الْمُسْتَأْجر إِلَى إنقضاء الْمدَّة وَالله أعلم وَلَو تلفت الْعين الْمُسْتَأْجرَة بِأَن كَانَت دَابَّة فَمَاتَتْ أَو كَانَت أَرضًا فغرقت أَو ثوبا فَاحْتَرَقَ نظر إِن كَانَ ذَلِك قبل الْقَبْض أَو بعده وَلم تمض مُدَّة لمثلهَا أُجْرَة انْفَسَخت الْإِجَارَة وَإِن تلفت بعد الْقَبْض وَبعد مُضِيّ مُدَّة لمثلهَا أُجْرَة انْفَسَخت الْإِجَارَة فِي الْمُسْتَقْبل لفَوَات المعقد عَلَيْهِ وَفِي الْمَاضِي خلاف وَالأَصَح أَنه لَا يَنْفَسِخ لاستقراره بِالْقَبْضِ وَهَذَا كُله فِي إِجَارَة الْعين كَقَوْلِه اسْتَأْجَرت مِنْك هَذِه الدَّابَّة أما إِذا وَقعت الْإِجَارَة على الذِّمَّة كَمَا إِذا قَالَ ألزمت ذِمَّتك حمل كَذَا إِلَى مَوضِع كَذَا فسلمه دَابَّة ليستوفي مِنْهَا حَقّهَا فَهَلَكت لم تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بل يُطَالب الْمُؤَجّر بإبدالها لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاقٍ فِي الذِّمَّة بِخِلَاف إِجَارَة الْعين فَإِن الْمَعْقُود عَلَيْهِ نَفسه قد فَاتَ بِفَوَات الْعين الْمُسْتَوْفى مِنْهَا
وَاعْلَم أَن الْعين الْمسلمَة عَن هَذِه الْإِجَارَة وَإِن لم يَنْفَسِخ العقد بتلفها فَإِن للْمُسْتَأْجر اختصاصاً بهَا حَتَّى يجوز لَهُ إِجَارَة الْعين وَلَو أَرَادَ الْمُؤَجّر ابدالها دون رضى الْمُسْتَأْجر لَا يُمكن على الْأَصَح وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute