الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وأطبق عَلَيْهِ مُعظم الْخلق وَلم يخْتَلف فِيهِ أحد قَالَ الله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إِلَى غير ذَلِك وَأما الْفِرَاق والسراح فلورودهما فِي الشَّرْع ولتكرارهما فِي الْقُرْآن بِمَعْنى الطَّلَاق قَالَ الله تَعَالَى {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} وَقَالَ تَعَالَى {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} وَقَالَ تَعَالَى {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ} وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سُئِلَ عَن الطَّلقَة الثَّالِثَة فَقَالَ أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَفِي الْقَدِيم أَن الْفِرَاق والسراح كنايتان لِأَنَّهُمَا يستعملان فِي الطَّلَاق وَغَيره فأشبها لفظ الْبَائِن والجديد الصَّحِيح الأول لما ذكرنَا
وَاعْلَم أَن لفظ الطَّلَاق مصدر والمشتق مِنْهُ فِي حكمه فِي الصراحة فَلَو قَالَ أَنْت طَالِق أَو مُطلقَة أَو يَا طَالِق أَو يَا مُطلقَة بتَشْديد اللَّام وَقع الطَّلَاق وَإِن لم ينْو لِأَنَّهُ صَرِيح فِي حل قيد النِّكَاح مشتهر بِخِلَاف الْمُشْتَقّ من الْإِطْلَاق كَقَوْلِه أَنْت مُطلقَة بِإِسْكَان الطَّاء أَو يَاء مُطلقَة فَلَيْسَ بِصَرِيح على الصَّحِيح لعدم اشتهاره وَإِن كَانَ الْإِطْلَاق والتطليق متقاربين كالإكرام والتكريم وَفِي قَوْله أَنْت طَالِق أَو الطَّلَاق أَو طَلْقَة وَجْهَان أصَحهمَا أَنه كِنَايَة وَلَو قَالَ أَنْت مُفَارقَة أَو فارقتك أَو سرحتك وَأَنت مسرحة طلقت وَإِن لم ينْو كَالطَّلَاقِ وَالله أعلم
(فرع) قَالَ أردْت بِقَوْلِي أَنْت طَالِق إِطْلَاقهَا من الوثاق وَلَيْسَ هُنَاكَ قرينَة وبالفراق الْمُفَارقَة فِي الْمنزل وبالسراح إِلَى منزل أَهلهَا أَو قَالَ أردْت خطاب غَيرهَا فَسبق لساني إِلَيْهَا لم يقبل مِنْهُ فِي ظَاهر الحكم فَلَو صرح بذلك فَقَالَ أَنْت طَالِق من وثاق أَو سرحتك إِلَى مَوضِع كَذَا أَو فارقتك فِي الْمنزل خرج عَن كَونه صَرِيحًا وَصَارَ كِنَايَة وَالله أعلم
(مَسْأَلَة) إِذا اشْتهر فِي الطَّلَاق لفظ سوى الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة الصَّرِيحَة كَقَوْل النَّاس أَنْت عَليّ حرَام فَفِي إِلْحَاقه بِالصَّرِيحِ أوجه أَصَحهَا عِنْد الرَّافِعِيّ أَنه يلْحق بِالصَّرِيحِ حَتَّى يَقع الطَّلَاق وَإِن لم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute