للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينْو لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال وَحُصُول التفاهم وَنسبه إِلَى التَّهْذِيب وفتاوى الْقفال وَالْقَاضِي حُسَيْن والمتأخرين وَالثَّانِي لَا يلْتَحق بالصرائح قَالَ الرَّافِعِيّ وَرجحه الْمُتَوَلِي وَوَجهه بِأَن الصرائح تُؤْخَذ من وُرُود الْقُرْآن بهَا وتكرارها على لِسَان حلَّة الشَّرِيعَة وَإِلَّا فَلَا فرق إِذا نَظرنَا إِلَى مُجَرّد اللُّغَة والاستعمال بَين الْفرق والبينونة قَالَ النَّوَوِيّ الْأَرْجَح الَّذِي قطع بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ والمتقدمون أَنه كِنَايَة مُطلقًا وَالله أعلم وَأما الْبِلَاد الَّتِي لم يشْتَهر فِيهَا هَذَا اللَّفْظ للطَّلَاق فَهُوَ كِنَايَة فِي حق أَهلهَا بِلَا خلاف وَلَو قَالَ أَنْت حرَام وَلم يقل عَليّ قَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ كِنَايَة بِلَا خلاف وَالله أعلم قَالَ

(وَالْكِنَايَة كل لفظ احْتمل الطَّلَاق وَغَيره ويفتقر إِلَى النِّيَّة)

هَذَا هُوَ الضَّرْب الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَة وَيَقَع الطَّلَاق بهَا مَعَ النِّيَّة بِالْإِجْمَاع وَرُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لرجل قَالَ لزوجته حبلك على غاربك أنْشدك بِرَبّ هَذِه البنية هَل أردْت الطَّلَاق فَقَالَ الرجل أردْت الْفِرَاق فَقَالَ هُوَ مَا أردْت وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودنا مِنْهَا قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك فَإِن لم ينْو لم يَقع الطَّلَاق لأثر عمر لِأَنَّهُ لَو كَانَ يَقع بِلَا نِيَّة لم يكن للتحليف فَائِدَة وَلما بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كَعْب بن مَالك أَن يعتزل امْرَأَته قَالَ لَهَا كَعْب الحقي بأهلك فَلَمَّا نزلت تَوْبَته لم يفرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَلِأَن أَلْفَاظ الْكِنَايَة تحْتَمل الطَّلَاق وَغَيره فَلَا يَقع مَا لم يُنَوّه كَمَا أَن الامساك عَن الطَّعَام لما احْتمل الْعِبَادَة وَغَيرهَا لم ينْصَرف إِلَيْهَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ ثمَّ أَلْفَاظ الْكِنَايَة كَثِيرَة جدا فنقتصر على ذكر بَعْضهَا فَمِنْهَا قَوْله أَنْت خلية أَي خَالِيَة من الْأزْوَاج وبرية ي بَرِئت من الزَّوْج وبتة أَي قطعت الْوَصْل بَيْننَا وبتلة من تبتل الرجل إِذا ترك النِّكَاح وَانْفَرَدَ وبائن من الْبَين وَهُوَ الْفِرَاق وَيجوز بَائِنَة والأفصح بَائِن كحائض وَطَالِق وَأَنت حرَّة وَأَنت وَاحِدَة واعتدي واستبرئي رَحِمك والحقي بأهلك وحبلك على غاربك وَمَا أشبه ذَلِك كَقَوْلِه أَخْرِجِي واذهبي وسافري وتقنعي وتستري وبيني وابعدي وتجرعي وَمَا أشبه ذَلِك كَقَوْلِه أَنْت حرَام وَأَنت عَليّ مُحرمَة أَو حرمتك ثمَّ إِن نوى الطَّلَاق بقوله أَنْت عَليّ حرَام وَنَحْوهَا يَقع رَجْعِيًا وَإِن نوى عددا وَقع مَا نوى وَإِن نوى الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وَإِن نوى الطَّلَاق وَالظِّهَار مَعًا فأوجه أَصَحهَا بتخير بَين جعله طَلَاقا أَو ظِهَارًا وَبِهَذَا قَالَ ابْن الْحداد وَأكْثر الْأَصْحَاب وَلَا ينفذ الإثنان مَعًا بِلَا خلاف وَقيل يكون طَلَاقا وَقيل يكون ظِهَارًا قَالَ الأسنوي وَتَقْرِير منع الْجمع مَمْنُوع يَعْنِي كَونه طَلَاقا وظهاراً فَإِنَّهُ يجوز اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي الْمَعْنيين مَعًا على مَذْهَب الشَّافِعِي سَوَاء كَانَ اللَّفْظ حَقِيقَة فيهمَا كالمشترك أَو حَقِيقَة فِي أَحدهمَا

<<  <   >  >>