الْغَاصِب ثمَّ هَذَا إِذا كَانَ قصد السّرقَة بإخراجها أما إِذا قصد أَن يشْهد تغييرها وافسادها فَلَا قطع على الْمَذْهَب الْمَقْطُوع بِهِ وَلَو سرق آنِية ذهب أَو فضَّة فَفِي الْمُهَذّب والتهذيب أَنه يقطع قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْوَجْه مَا قَالَه العمراني أَنه يبْنى على جَوَاز اتخاذها إِن جَوَّزنَا قطع وَإِلَّا فَلَا كالملاهي وَالله أعلم وكما يشْتَرط كَون الْمَسْرُوق نِصَابا يشْتَرط كَونه محرزا فَلَا يقطع فِيمَا لَيْسَ بمحرز للنَّص وَيخْتَلف الْحِرْز بإختلاف الْأَمْوَال لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق فِي الحَدِيث بَينهمَا وَالرُّجُوع فِي ذَلِك إِلَى الْعرف لِأَن الْحِرْز لم يرد فِيهِ ضَابِط من جِهَة الشَّرْع وَلَا لَهُ فِي اللُّغَة ضَابِط وَإِذا كَانَ لَا ضَابِط لَهُ شرعا ولغة رَجعْنَا فِيهِ إِلَى الْعرف كَمَا فِي الْقَبْض فِي البيع والاحياء فِي الْموَات وَغَيرهمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فعلى هَذَا قد يكون الشَّيْء حرْزا فِي وَقت دون وَقت لِأَن الزَّمَان لَا يبْقى على حَال قَالَ الْأَصْحَاب والإحطبل حرز للدواب وَإِن كَانَت غَالِيَة الْأَثْمَان دون الثِّيَاب
قلت وَهَذَا الاطلاق فِيهِ نظر لِأَن فِي كثير من المدن الاصطبل أحرز من كثير من الْبيُوت فَيَنْبَغِي الرُّجُوع إِلَى عرف الْمحلة وَالله أعلم قَالَ الْأَصْحَاب وَصفَة الدَّار وعرصتها حرز للأواني وَثيَاب البذلة أَي الْخدمَة دون الْحلِيّ والنقود لِأَن الْعَادة احرازها فِي المخازن وَالثيَاب النفيسة تحرز فِي الدّور وبيوت الخان والأسواق المنيعة والمتبن حرز للتبن وكل شَيْء بِحَسبِهِ حَتَّى لَو سرق الْكَفَن من الْقَبْر قطع على الْمَذْهَب الْمَقْطُوع بِهِ لِأَنَّهُ حرز مثله وَالله أعلم
(فرع) سرق شخص طَعَاما فِي وَقت الْقَحْط والمجاعة فَإِن كَانَ يُوجد عَزِيزًا بِثمن غال قطع وَإِن كَانَ لَا يُوجد وَلَا يقدر عَلَيْهِ فَلَا قطع وعَلى هَذَا يحمل مَا جَاءَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ لَا قطع فِي عَام المجاعة وَالله أعلم قَالَ
(لَا ملك لَهُ فِيهِ وَلَا شُبْهَة فِي مَال الْمَسْرُوق مِنْهُ)
يشْتَرط لوُجُوب الْقطع أَن يكون الْمَسْرُوق مَمْلُوكا لغير السَّارِق فَلَا قطع على من سرق مَال نَفسه من يَد غَيره كيد الْمُرْتَهن وَالْمُسْتَأْجر وَالْمُسْتَعِير وَالْمُودع وعامل الْقَرَاض وَالْوَكِيل وَكَذَا الشَّرِيك وَهُوَ قَول الشَّيْخ لَا ملك لَهُ فِيهِ وَإِذا كَانَ لَا قطع فِي المَال الْمُشْتَرك فَلَا قطع فِيمَا هُوَ مَحْض ملكه أولى وَلَو سرق مَا اشْتَرَاهُ من يَد البَائِع فِي زمن الْخِيَار أَو بعده فَلَا قطع وَإِن سرق مَعَه مَالا آخر فَإِن كَانَ قبل أَدَاء الثّمن قطع وَإِن كَانَ بعده فَلَا قطع على الرَّاجِح كمن سرق من دَار اشْتَرَاهَا وَلَو سرق شَيْئا وهبه لَهُ بعد الْقبُول وَقبل الْقَبْض فَالصَّحِيح أَنه لَا يقطع بِخِلَاف مَا لَو أوصى لَهُ بِشَيْء فسرقه قبل موت الْمُوصي فَإِنَّهُ يقطع وَإِن سَرقه بعد موت الْمُوصي وَقبل الْقبُول بني على أَن الْملك فِي الْوَصِيَّة بِمَاذَا يحصل إِن قُلْنَا بِالْمَوْتِ لم يقطع وَإِلَّا قطع وَلَو أوصى للْفُقَرَاء بِمَال فسرقه فَقير بعد مَوته لم يقطع كسرقة مَال بَيت المَال وَأَن سَرقَة غَنِي قطع وَالله أعلم وَقَول الشَّيْخ لَا شُبْهَة لَهُ فِي مَال الْمَسْرُوق احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا سرق مَالا لَهُ فِيهِ شُبْهَة أَي للسارق وَفِيه صور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute